ثمّ بقي هنا
كلام ينبغي التنبيه عليه ، وهو عبارة عن أنّ الحروف والأدوات لم توضع لمفهوم
النسبة والربط ـ كما تقدّمت الإشارة إليه بالإجمال ـ لأنّ ذلك إنّما يكون من
المفاهيم الاسمية المستقلّة في وعاء مفهوميّتها ، بل إنّما الذي وضعت له الحروف ـ ليس
إلّا ـ واقع النسبة والربط ، بمعنى أنّ الحروف من حيث المفهوم عبارة عمّا هو
بالحمل الشائع نسبة وربط الذي تكون نسبة ذلك المفهوم إليه نسبة العنوان إلى
المعنون ، لا نسبة الطبيعي إلى فرده ، فإنّ الطبيعي متّحد مع أفراده ذهنا وخارجا ،
بخلاف العنوان فإنّه لا يتعدّى عن مرحلة الذهن إلى العين والخارج ، بل إنّما يكون
مغايرا للمعنون من حيث الذات والوجود كمثل مفهوم العدم وشريك الباري عزوجل واجتماع النقيضين ، بل مفهوم الوجود على القول بأصالته
؛ إذ نسبة هذه المفاهيم لا تتعدّى عن مرحلة الذهن إلى العين والخارج ، ومن أجل ذلك
لا يصحّ حملها على واقعها بالحمل الشائع الصناعي.
فإذن مفهوم
النسبة والربط نسبة وربط بالحمل الأوّلي الذاتي لا بالحمل الشائع الصناعي ؛ لأنّ
ما كان متّصفا بهذا الحمل هو نسبة وربط معنون هذا العنوان وواقعه. ومن هنا كان
المتبادر من إطلاق لفظ الربط والنسبة واقعه لا مفهومه ؛ فإنّ إرادته تحتاج إلى
عناية ، كما يكون الأمر كذلك في قولهم : شريك الباري يكون ممتنع الوجود ، واجتماع
النقيضين كذلك ، والمعدم المطلق غير مخبر عنه ، إذ المحكوم به بهذه الأحكام إنّما
يكون معنونات هذه الامور لا مفاهيمها ، لأنّها غير محكوم بها ، كيف وإنّها موجودة
من دون أن تكون معدومة ولا ممتنعة.
فصار المتحصّل
من جميع ما بيّنّاه في المقام أنّ الحروف وضعت لجميع الأنحاء من النسب والروابط
بنحو الإطلاق ، بلا فرق بين ما إذا كانت بمفاد هل المركّبة أم البسيطة ، أو كانت
من قبيل النسب الخاصّة المقوّمة للأعراض النسبيّة ككون الشيء في الزمان المخصوص
وفي الحال المخصوص وفي أمكنة مختلفة