محتاجة في وجودها إلى علّة لإيجادها في عالم العين.
فصار المتحصّل من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ الوجود من ناحية الحمل وصحّته مشترك في جميع تلك المراتب الثلاثة ، لصحّة قولك : إنّ الواجب موجود ، والجوهر موجود ، والعرض موجود.
وبعبارة موجزة : إنّ حمل الوجود كما يصحّ على الواجب ، كذلك على الممكنات بجميع أقسامها من الجواهر والأعراض.
فإذا علمت ما بيّنّاه في المقام من تلك المراتب الثلاث المشتركة في الوجود ، فاعلم أنّ هنا وجود آخر يكون موجودا لا في نفسه ، بل إنّما يكون موجودا في غيره ، وذلك مثل وجود الرابط دون وجود الرابطي ، وإنّما وجود الرابط يكون كوجود النسبة التي لا تكون من الوجودات في نفسها ، بل إنّما تكون من الوجودات في غيرها ، إذ من اليقين والضرورة ـ بلا مجال شكّ وارتياب ـ أنّه عند التفسير والسؤال عنها لا يعبّر بكلمة : «ما هو ؟» بخلاف الموجودات في نفسها ، إذ يصحّ أن يسأل عنها بكلمة : «ما هو ؟» في مقام الشرح والتفسير للاطلاع على بيان حقيقتها ، فيكون المعنى الحرفي من هذا السنخ من المفهوم في عالم الوجود ، لكن لا في نفسه ، بل إنّما يوجد في غيره ، نظير وجود الرابط والنسبة التي تحقّق بين المنتسبين.
نعم ، لا يخفى عليك أنّ هذا النحو من المفهوم والمعنى ليس مرادفا لمفهوم الرابط ومفهوم ذات كلمة النسبة ، وذلك من جهة أنّ كلمة الرابط وكلمة النسبة لهما مفهوم في حدّ ذاتهما كالمفاهيم الاسمية وأنّهما بما لهما من المفهوم إنّما يكونان موجودين في عالم التصوّر والمفهومية كموجوديّة مفاهيم الألفاظ من الأسماء ؛ إذ عالم المفهوم لا يقاس بعالم الواقع والخارج والعين ، نظير مفهوم المتناقضين ؛ إذ لا شكّ أنّ المتناقضين يستحيل تحقّقهما في الخارج والعين ، مع