وكيف كان فإنّ ملاك الآليّة في الحروف وملاك الاستقلاليّة في الأسماء ، الذي اخذ ميزانا في الفرق بين الحرف والاسم في النقطة الثانية ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، فلا يمكننا المساعدة عليهما بوجه من الوجوه ، بل بطلانهما أظهر من أن يخفى.
بيان ذلك : أمّا أوّلا فمن جهة أنّ الآليّة قد تلاحظ في المعاني الاسميّة أيضا ، وذلك مثل ما إذا كان الاسم عنوانا وكاشفا لإراءة الغير من الأفراد الداخلة تحته كالموارد التي يكون الوضع فيها عامّا والموضوع له خاصّا ، على أنّ هذا الأساس من أصله يكون باطلا ، وذلك من جهة أنّه لا شكّ ولا شبهة أنّه في بعض الموارد يكون الواقع والمعنى من حيث التحقّق معلوما مشخّصا لنا من دون أيّ احتياج في ذلك إلى دلالة حرف من الحروف.
وذلك مثل ما إذا كنّا على يقين بدخول زيد في دار من البيت على نحو الإجمال ، ولكن دخوله يكون في دار أيّ شخص من الأشخاص على نحو التعيين غير مشخّص لنا. إذن لا شكّ في أنّك لا تحتاج في هذه الصورة إلى دلالة كلمة (في) على دخول زيد في الدار ، لأنّك عالم بذلك من ناحية الخارج ، وعندئذ لا تكون كلمة (في) في هذه الصورة مرآة لإراءة هذا المعنى بوجه من الوجوه.
ويكون نظير ذلك أيضا فيما إذا كنت عالما بأنّ لهذا المال الموجود في الخارج الذي يكون في معرض التلف مالك على نحو الإجمال ، ولكن لا تدري بالتفصيل أنّه يكون معلّقا بزيد أو بعمرو ؛ إذ لا خفاء أنّه في هذه الصورة ليست لكلمة (لام) نحو مرآتية وآلية على الاختصاص ؛ إذ الاختصاص من الخارج معلوم ومشخّص.
فانقدح أنّ ما هو المعروف في الحروف بأنّ علقة الوضعيّة فيها اخذت على