فان تنقيح ذلك يبتني على معرفة نكتة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي كي يرى مقدار انحفاظ تلك النكتة مع العلم الاجمالي ، وبناءً عليه فنحن نؤجل البحث الاستدلالي حول العلم الاجمالي في مرحلة التكليف الى باب البراءة والاشتغال.
ولكننا نذكر هنا ما هو المختار في ذلك بنحو الفتوى محولين اثباته الى مبحث البراءة والاشتغال فنقول : المختار في باب العلم الاجمالي في مرحلة التكليف بناءً على ما ذهبنا اليه من انكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان هو ان العلم الاجمالي ليس علة تامة لوجوب الموافقة القطعية ولا لحرمة المخالفة القطعية ، بل هو مقتضٍ للتنجيز بكلا المستويين ، ومعنى الاقتضاء للتنجيز هو كون منجزيته معلقة على عدم مجيء الترخيص من قبل الشارع ، كما ان معنى العلية هو كون منجزيته غير معلقة على عدم مجيء الترخيص من قبله.
اما بناءً على المبنى المتعارف في الاصول من قاعدة قبح العقاب بلا بيان فالمختار هو التفصيل بين قسمين من العلم الاجمالي ؛ بيان ذلك : ان المعلوم بالعلم الاجمالي اذا لاحظناه في افق العلم فتارة يكون المقدار المعلوم من الواجب هو القدر القابل للانطباق على كل واحد من طرفي العلم الاجمالي ، كما لو علمنا اجمالاً بوجوب الظهر او الجمعة ، فالمقدار الداخل في افق العلم من الواجب الذي يشار اليه بعنوان احدهما مثلاً نسبته الى الظهر او الجمعة على حد سواء ، واخرى يكون المقدار المعلوم من الواجب مشتملاً على قيد لا ينطبق إلا على الواجب الواقعي ، وان ترددنا نحن في التطبيق ، كما لو علمنا بوجوب اكرام العالم بما هو عالم ، واشتبه عالم بجاهل ، فعلمنا اجمالاً بان احدهما واجب الاكرام بما هو عالم فالمقدار الثابت في افق العلم الاجمالي من الواجب مقيد بقيد لا ينطبق الا على الواجب الواقعي ، وهو قيد العالمية ولكننا شككنا في التطبيق ، ، وفي القسم الاول لو علم المكلف باحد طرفي العلم الاجمالي وكان في الواقع هو الواجب فقد حصل له العلم باتيان ذات الواجب ، ان لم يحصل له العلم باتيان الواجب بما هو واجب.
هذا بخلاف القسم الثاني ، اذ لو اكرم احدهما وكان هو العالم واقعاً لم يحصل له العلم باتيان ذات الواجب ، فان ذات الواجب عبارة عن اضافة الاكرام الى