وفي هذه الحالة لا محذور في افتائه لأنه يحتمل انه اذا تباحث مع الأعلم يُظهر له الأعلم خطأه في الحكم حتى لا يحصل له اليقين بالحكم من رأس ، بل يحصل له اليقين ويحتمل انه إذا تباحث مع الأعلم ينقله من موضوع إلى موضوع آخر.
الثاني : يحتمل أن يُظهر له الأعلم بعد التباحث معه خطأه في الحكم كما لو كان مخالفا له في مسألة مثل انقلاب النسبة أو الترتب.
ويمكن الجواب عن هذه الشبهة نقضاً وحلاً :
أما نقضا فمن وجوه :
احدها : أن الأعلم ايضا ليس كل استنباطاته في حالة صفاء ذهنه ، فقد يستنبط في حالة الصداع والوجع ، فيحتمل في تلك الحالة انه لو كان في حالة صفاء الذهن لأدى نظره الى خلاف ما أدى اليه فعلا ، فلا يحصل له اليقين بالحكم كي يفتي به.
ثانيها : ان الأعلم ايضا يحتمل انه لو تباحث مع غير الأعلم لغلب عليه ، وذلك لأن التفاوت بين الأعلم وغيره لا يكون دائما تفاوتا كبيرا ، بل قد يكون يسيرا ، وعليه يحتمل الأعلم انه لو تباحث مع غير الأعلم لغلبه وأرجعه عن رأيه ، فلا يحصل له اليقين بالحكم كي يفتي به.
ثالثها : أن الأعلم يحصل له الرقيُّ كغيره لكونه بصدد التكامل والترقي فيحتمل الآن انه قد يترقى فيما بعد ويظهر له ما يرجعه عن فتواه الحالية.
رابعها : أن الأعلم وإن كان أعلم الأحياء إلا أنه ليس بأعلم من جميع المجتهدين أحياء وأمواتا. فاذا كان رأيه مخالفا للأعلم منه من الأموات يحتمل انه لو كان الميت حيا وناظره لغلب عليه وارجعه عن رأيه ، فلا يحصل له القطع الفعلي بالحكم.
ولكن هذا النقض يبتني على أن يكون المراد بالأعلم الأدق نظرا والأعمق فكرا فانه يمكن ان يكون في الأموات شخص أدق نظرا من أعلم الأحياء ، وأما إذا