إذا اتضح هذا فنقول : يمكن أخذ القطع بمرتبة من الحكم ، وهي مرتبة الجعل منه في مرتبة اخرى ، وهي مرتبة المجعول ، فيقال : اذا قطعت بجعل وجوب الحج من قبل الشارع يصير الحج فعليا بالنسبة اليك ، ويجب عليك فعلا. ولا مانع في ذلك لأن القطع بشيء مأخوذ في موضوع شيء آخر ، فلا يلزم الدور ، وذكرنا هذا المهرب والمخلص للسيد الأستاذ. (قده) ، فأجاب بما هو مكتوب في الدراسات من أن الجعل الذي يكون القطع به موضوعا لفعلية الحكم وهو المجعول في حق المكلف ان كان المراد به ان القطع بجعل حكم وتشريعه في حق شخص يوجب فعلية ذلك الحكم بالنسبة الى شخص آخر ، كما اذا كان القطع الحاصل لزيد بوجوب الحج على عمرو موجبا لوجوب الحج على زيد ايضا فهذا لا يحتاج الى تعدد الرتبة ، بل يجري في فرض وحدة الرتبة ايضا ، ويصح اخذ القطع بوجوب الحج فعلا على زيد موضوعا لوجوبه فعلا على عمرو.
وإن كان المراد ان القطع بوجوب الحج على شخص يمكن أخذه في موضوع وجوبه على ذلك الشخص بعينه ، فالقطع بوجوب الحج على زيد يؤخذ في موضوع وجوبه عليه ، فهذا لا يمكن فرض تعدد الرتبة فيه لان الحج لا يكون واجبا على شخص خاص ، والحكم لا يكون حكما لشخص خاص إلا إذا تحقق موضوعه بالنسبة اليه ، فالحج لا يكون واجبا بالنسبة الى زيد ، ولا يكون وجوبه حكما لزيد إلا إذا تحقق الاستطاعة فيه التي هي شرط في فعلية الحج ، وإذا صار الموضوع متحقق فيصير الحكم فعليا ، وتكون مرتبة المجعول متحققة ، ويكون أخذ القطع بمرتبة المجعول في موضوع مرتبة المجعول ، وهو الحكم الفعلي ، فلا يكون هناك تعدد في الرتبة حتى يصحح الكلام ويدفع المحذور (١).
ولكن هذا الجواب لا يرجع الى محصل ، وذلك لأن الامر لا يدور بين هذين الشقين اللذين ذكرهما ، بان يقال : إما أن يؤخذ القطع بحكم شخص موضوعا لحكم شخص آخر ، وإما أن يؤخذ قطع شخص بحكمه موضوعاً لحكم نفس ذلك
__________________
(١) الدراسات ، ج ٣ ، ص ٤٠.