______________________________________________________
خروج السير من الميقات عن الحج ، وعدم لزوم التعبد والتقرب به. لأن وقوع العمل على وجه العبادة يتوقف على صدوره عن داعي القربة على نحو يكون ذلك الداعي صالحاً للاستقلال في الداعوية ، وذلك لا ينافي وجود داع آخر اليه صالح للاستقلال في الداعوية. نعم إطلاقه يقتضي الصحة وإن كان داعي القربة تبعياً. لكن الإطلاق المذكور ليس بحد يصلح للخروج به عن ظاهر الآية ، لقرب حمل الكلام على أنه في مقام نفي مانعية الضميمة. وأما الخبر الثالث فحمله على ذلك أقرب ، فإن قول السائل : « ولا ينوي غيره » ظاهر في ذلك جداً. مضافاً إلى ضعف سنده بالإرسال ، كما عرفت في مبحث البذل.
فان قلت : المراد من الآية الشريفة وجوب السفر الى البيت وجوباً غيرياً ، نظير قوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً .. ) (١) فإنه لا ريب في عدم وجوب السعي إلى التراب وجوباً نفسياً.
قلت : إذا كان المراد من آية التيمم ذلك ـ لقرينة في الكلام ، وهي قوله تعالى : ( ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ .. ) ضرورة : أن التطهير إنما يكون باستعمال التراب لا بالسعي اليه. أو لقرينة خارجية من إجماع وغيره ـ فهو لا يقتضي حمل الأمر في المقام عليه ، لعدم القرينة عليه. ولا سيما وكون الوجوب النفسي هو الموافق للارتكاز العقلائي ، فإن السعي إلى بيوت أهل الشأن مظهر من مظاهر العبودية. فلاحظ.
والمتحصل مما ذكرنا : أن البناء على عدم جزئية السفر الى البيت في الواجب النفسي وأنه مقدمة لا غير خلاف ظاهر الآية ، وليس ما يقتضي الخروج عنه ، فالبناء على الأخذ بظاهر الآية متعين. وعلى هذا لا يجوز وقوع السفر من الميقات إلى مكة على وجه لا يقتضي تقرب المحرم ـ بأن يكون
__________________
(١) المائدة : ٧.