وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣)
____________________________________
زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يماثله في فصاحته أو نظامه ، أو أخباره ، كأن يأتي أفصح منه ، أو أجمل نظاما ، أو ما يدل على أن أخباره عن الأمم السابقة أو اللاحقة ، أو حول الأصول باطلة (وَلا مِنْ خَلْفِهِ) بأن يأتي بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من يبدي بطلانه في إحدى تلك الأمور ، وروى في المجمع عن الباقر والصادق عليهالسلام ، أن معناه ليس في أخباره عما مضى باطل ولا في أخباره عما يكون في المستقبل باطل ، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها (١) ، أقول : وكان هذا بيان لمصداق من مصاديق الكلى الذي ذكرناه ، وهو الظاهر من عموم الآية (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ) في أفعاله ، فإنه سبحانه ، أنزل القرآن حسب الحكمة والصلاح ، ولذا لا يتطرق إليه الباطل (حَمِيدٍ) محمود في كل شيء ، ولذا لا يأتي بما لا يحمد مما هو قابل للبطلان.
[٤٤] ثم ربط سبحانه بين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسائر الرسل ، وبين القرآن ، وسائر الكتب السابقة بقوله (ما يُقالُ لَكَ) يا رسول الله ، أي لا يوحي إليك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) بأن أوحى إليهم (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) أي غفران للمذنبين إذا تابوا (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) مؤلم لهم إذا بقوا في كفرهم وعصيانهم ، فليختاروا ما شاءوا من المغفرة التابعة للإيمان ، أو العقاب التابع للعصيان.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٧.