وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
____________________________________
[١٠٠] وإذ خرج إبراهيم من النار ظافرا ، ورأى أن القوم لا يؤثر فيهم الكلام ، وإنما هم مصرون على عبادة الأصنام ، أراد هجر تلك الديار ، إلى مكان آخر ، لعله يجد آذانا واعية (وَقالَ) إبراهيم عليهالسلام (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) أي إلى حيث أمرني ربي إلى الديار المقدسة ، وهذا كما يسمى من يذهب إلى الحج ، إنه ذاهب إلى الله (سَيَهْدِينِ) أي يهديني ربي ـ فيما بعد ـ إلى المكان الذي يختاره لي ، فإني مهاجر من هذه البلاد ، منتظر أمر ربي لاختيار المكان الذي أقطن فيه.
[١٠١] ثم دعا ربه أن يهب له ولدا ، ليكون خلفه في إقامة الدين ، فقال يا (رَبِّ هَبْ لِي) ولدا (مِنَ الصَّالِحِينَ) بأن يكون من جملتهم.
[١٠٢](فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ) أي ولد (حَلِيمٍ) ذو حلم وأناة ، وهذا من أعظم صفات المصلحين ، إذ الإصلاح يحتاج إلى التحلّم من الجهال ، وتلقّي أذاهم بصبر وأناة ، والمراد بالغلام «إسماعيل» جد نبينا عليهماالسلام.
[١٠٣] وأعطاه الله سبحانه الولد ، وبقي معه حتى شبّ وكبر (فَلَمَّا بَلَغَ) الغلام (مَعَهُ السَّعْيَ) أن يسعى مع إبراهيم في أعماله ، فإن الولد ما دام طفلا ، لا يتمكن أن يشارك الأب في مهامه ، فإذا كبر وشب ، يبلغ مبلغا يتمكن أن يسعى مع أبيه في حوائجه (قالَ) إبراهيم عليهالسلام له (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ) أي رأيت في النوم (أَنِّي أَذْبَحُكَ) وقد كان نومه وحيا من الله سبحانه ، وكان هذا امتحانا آخر لإبراهيم عليهالسلام ، بعد تلك المصاعب والأحزان ، والطرد من الوطن ، وإسكان الأهل في واد