خاصة لهذا المفهوم العام ، الّذي هو الحبّ في الله ، فهؤلاء الأولاد الذين لا يكتفون ببنوتهم الطّبيعية ، حتّى يضيفوا إليها بنوة روحية ، لما ذا لا يستطيعون أن يعملوا على تحقيق مثلهم الأعلى بإجتماعهم في الله ، كيما يحرزوا حقّ الاجتماع في نفس المنزلة مع من أتخذوهم قدوة ، حين أتبعوهم في الواقع بصورة تتفاوت في درجة كمالها؟ أليس فصلهم عنهم إنكارا لقيمة هذا الحبّ؟ .. وعليه ، فإنّ هذا الإتحاد في جنّة الله لا ينفي مطلقا التّدرج في الجزاء ، ولا يستتبع بالضرورة إختلاطا في القيم ؛ فنحن ندرك جيدا أنّ أعضاء جمعية واحدة متدرجون في مناصبهم ، مختلفون في وظائفهم ، متفاوتون في استحقاقهم ، شأن القطار الّذي يقل مجموعة مختلفة من طوائف المسافرين.
فإذا فسرنا الآية على هذا النّحو ، وقابلناها كما ينبغي بمجموع النّصوص الأخرى ، فإنّها لا تحتوي أدنى تضارب مع المبدأ العام ، مبدأ المسئولية الّتي تظل فردية ، على وجه الخصوص.
وهنالك اعتراض أخير ، قد يثار ضد هذا المبدأ ، وهو ما يمكن أن يستقى من فكرة (الشّفاعة) بمعنى (التّوسط عند الله يوم القيامة ، سواء من ناحية الملائكة ، أو الأنبياء ، من أجل الصّالحين ، أو من ناحية المؤمنين من أجل إخوانهم). وهي فكرة نجد أصلها في كثير من الأحاديث الّتي عرفت بأنّها صحيحة (١).
__________________
ـ الطّوسي : ٦٢١ ، أمالي الصّدوق : ٢٥٢ ، صحيح مسلم : ٤ / ٢٠٣٢ ح ٢٦٣٩ ، صحيح ابن حبان : ٢ / ٣١٦ ح ٥٥٧ ، موارد الظّمآن : ١ / ٦٢١ ح ٢٥٠٦ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٥٩٥ ح ٢٣٨٥ ، مسند أحمد : ٣ / ٢٦٨ ح ١٣٨٥٤ ، مسند أبي يعلى : ٥ / ٢٧٠ ح ٢٨٨٨.
(١) لقد أرسل الله الأنبياء ، والرّسل مبشرين ، ومنذرين ، وبعثهم للخلق رحمة ، وهداة للناس أجمعين ، ثم ـ