هذا النّحو ، لا لشيء إلّا لإطالة قيود سراحهن ، فيمنعونهن بهذا القيد الظّاهر من أن ينشئن زواجا آخر ، قد يجلب لهن قدرا أكبر من السّعادة ، والقرار.
في مواجهة هذه النّيّات الآثمة يحذر القرآن الرّجال ، في مواضع كثيرة ، وأحيانا يستخدم ألفاظا عنيفة ، مثل قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (١).
وقد وجه القرآن إنذارا مماثلا إلى الموصين الّذي يقصدون بمساعدة المنتفعين بوصاياهم ، أن يحرموا وارثيهم الشّرعيين ، فقال : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) (٢).
فمن هذه الآمثلة القرآنية ، الّتي تشركها أمثلة أخرى كثيرة (٣) ، استنبط النّبي صلىاللهعليهوسلم ـ دون ريب ـ هذه القاعدة الشّاملة ، الّتي أثبت بها تكليف كلّ مسلم ، بأنّه : «لا ضرر ولا ضرار» (٤).
٢ ـ «نيّة التّهرب من الواجب» :
بيد أنّ هناك طريقة أخرى للتحايل على الشّرع ، وذلك بأن نضيع شروط تطبيقه ، عند ما نثير مفاجأة يحتمل أن تغير المغزى الشّرعي للظروف ، وهكذا لا
__________________
(١) البقرة : ٢٣١.
(٢) النّساء : ١٢.
(٣) انظر مثلا الآيات : ٢٣٣ و ٢٨٢ من سورة البقرة ، و ٦ من الطّلاق.
(٤) انظر ، موطأ مالك : ٢ / ٧٤٥ ح ١٤٢٩ وص : ٨٠٤ ، مختلف الشّيعة : ٧ / ٣٦٨ ، كتاب الأمّ : ٣ / ٢٤٩ ، السّرائر : ٢ / ٢٨٩ ، مسند أحمد : ٥ / ٣٢٦ ح ٢٢٨٣٠ ، المهذب : ٢ / ٥٧٣ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٧٨٤ ح ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، الخلاف : ٣ / ٤٢ ، سنن البيهقي الكبرى : ٦ / ٦٩ ح ١١١٦٠ و ١١٦٥٧ ، من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٤٥ ح ٢ ، مجمع الزّوائد : ٤ / ١١٠ ، المقنع للشيخ الصّدوق : ٥٣٧ ، تفسير القرطبي : ٥ / ٤٨ ، رسائل المرتضى : ١ / ١٧٨.