بمعنى (شبّه) أو بمعنى (أتبع وضم) ، فإذا لم يكن في السّياق شيء يحتم أحد هذين المعنيين ، فإنّ هناك مع ذلك عدة اعتبارات لغوية ، وأخرى ذات طابع عقلي ، تدفعنا إلى أن نختار المعنى الأخير.
ومن المقرر ، كقاعدة عامة ، فيما يتعلق بتفسير الألفاظ الملتبسة ، أنّه يجب أن نحملها بقدر الإمكان على المعنى الحقيقي ، وهو أقل التباسا. فإذا كان حقا أنّ أحد المعنيين مادي محسوس ، والآخر مجرّد ، ذو طابع أخلاقي ، وهو لا يكون غالبا إلا بوساطة القياس ، فإنّ المعنى الأولي بأن نأخذ به في حالتنا سوف يكون هو (الضّم) ، وهو في الوقت نفسه ، أكثر تأكدا ، بما أنّ التّفسيرين يتفقان في مضمونه ، على حين أنّ معنى التّشبيه لا يحتمل سوى شيء وأحد.
بيد أنّ لدينا من وراء هذه الأعتبارات العامة ـ نصوصا تعالج حالات شبيهة ، ولم يحدث أن تعرضت لذكر المعاملة على قدم المساواة ، وإنّما ذكرت مجرد الأشتراك المعبر عنه بلفظة (مع) ، وقد ورد هذا في القرآن : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) (١) ، كما ورد في كثير من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، الّذي يقرر أنّ المتحابّين في الله سوف يجتمعان في الجنّة : «أنت مع من أحببت» (٢) ، و«المرء مع من أحبّ» (٣). فنحن نرى إذن أنّ المثال الّذي نتناوله بالبحث ليس سوى حالة
__________________
(١) النّساء : ٦٩.
(٢) انظر ، الكافي : ٨ / ٨٠ ح ٣٥ ، دعائم الإسلام : ١ / ٧٢ ، أمالي المفيد : ٣٣٩ ، صحيح ابن حبان : ١ / ٣٠٨ ح ١٠٥ ، مسند أحمد : ٣ / ١١٠ ح ١٢٠٩٦ و ١٢٧٩٢ و ١٣٤١١ ، فتح الباري : ١٠ / ٥٦٠ ، تحفة الأحوذي : ٧ / ٥١ ، فيض القدير : ٤ / ٣٢٠ ، كشف الخفاء : ٢ / ٢٦٥ ح ٢٢٨٤ ، إعانة الطّالبين : ٤ / ٣٨٥.
(٣) انظر ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ١٠ / ٥٥٩ ح ٥٨١٨ ، علل الشّرائع : ١ / ١٤٠ ح ٢ ، أمالي ـ