يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (١) ، وعلى كلّ حال فسيّان أن يكون ذلك إهلاكا شاملا عاجلا ، أو إفناء بطيئا : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) (٢).
ومن الواضح في كلّ ذلك أنّ الأمر لا يتصل مطلقا بعقوبة مقدرة بقدرها ، بل بدرس يستخلص من التّأريخ الإنساني ، ومن القانون الكوني ، فالمهم هو إثارة الإنتباه لدى الأغنياء ، والأقوياء ليروا أنّ أمنهم ، وترفهم بمكان من الوهم والبطلان.
ب ـ عنصر يتصل بتأييد جماعة المؤمنين
هنالك فوق الحياة البدنية ، والمادية المحضة مجال آخر تعزّ فيه الهموم على النّاس ، وتغلو ، أعني : مجال مصير مثلهم العليا ، ومجال مشاعرهم الجماعية ، وبهذا الملحظ نجد أنّ الوعود على العكس أكثر عددا ، ومباشرة ، وصراحة. فقد حدث أثناء المعارضة الضّارية الّتي هبت ضد النّبي ، وصحابته أنّ تحالف الكفار ، والمنافقون ، فلم يكتف القرآن بأن ساق إلى المؤمنين هذا العزاء الّذي يقول لهم : (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) (٣) ، ولم يقتصر على قوله : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) (٤) ، ولكن يعدهم بتأييده الإيجابي : (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥) ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (٦) ، (إِنَ
__________________
(١) النّحل : ٤٥.
(٢) النّحل : ٤٧.
(٣) آل عمران : ١٢٠ (ـ ١ ب).
(٤) الحجّ : ٣٨ (ـ ١ ب).
(٥) الأنفال : ١٩ (ـ ١ ب).
(٦) البقرة : ١٩٤ ، التّوبة : ٣٦ و ١٢٣ (ـ ٣ ب).