(أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٤٤)
الحياة إذا زالت زال معها النفس والنائم يتنفّس ، ولكلّ إنسان نفسان إحداهما نفس الحياة وهي التي تفارق عند الموت ، والأخرى نفس التمييز وهي التي تفارقه إذا نام.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما : في ابن آدم نفس وروح مثل (١) شعاع الشمس ، فالنفس هي التي بها العقل والتمييز ، والروح التي (٢) بها النفس والتحرّك ، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه. وعن علي رضي الله عنه قال : تخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعه في الجسد فبذلك يرى الرؤيا ، فإذا انتبه من النوم عاد الروح إلى جسده بأسرع من لحظة ، وعنه : ما رأت نفس النائم في السماء فهي الرؤيا الصادقة ، وما رأت بعد الإرسال فيلقيها (٣) الشيطان فهي كاذبة ، وعن سعيد بن جبير أنّ أرواح الأحياء وأرواح الأموات تلتقي في المنام فيتعارف منها ما شاء الله أن يتعارف ، فيمسك التي قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجسادها إلى انقضاء مدة حياتها ، وروي أنّ أرواح المؤمنين تعرج عند النوم في السماء فمن كان منهم طاهرا أذن له في السجود ومن لم يكن منهم طاهرا لم يؤذن له فيه (إِنَّ فِي ذلِكَ) إنّ في توفي الأنفس مائتة ونائمة وإمساكها وإرسالها إلى أجل (لَآياتٍ) على قدرة الله وعلمه (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يجيلون فيه أفكارهم ويعتبرون.
٤٣ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا) بل اتخذ قريش والهمزة للإنكار (مِنْ دُونِ اللهِ) من دون إذنه (شُفَعاءَ) حين قالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (٤) ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه (قُلْ أوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) معناه أيشفعون ولو كانوا لا يملكون شيئا قط ولا عقل لهم.
٤٤ ـ (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) أي هو مالكها فلا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه وانتصب جميعا على الحال (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تقرير لقوله لله الشفاعة جميعا لأنه إذا كان له الملك كلّه والشفاعة من الملك كان مالكا لها (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) متصل بما يليه معناه له ملك السماوات والأرض اليوم ثم إليه ترجعون يوم القيامة فلا يكون الملك في ذلك اليوم إلّا له ، فله ملك الدنيا والآخرة.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) وروح بينهما شعاع مثل.
(٢) في (ز) والروح هي التي.
(٣) في (ظ) فيلفتها ، وفي (ز) فيلقنها.
(٤) يونس ، ١٠ / ١٨.