(وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ ٣٧ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣٩)
أي بالأوثان التي اتخذوها آلهة من دونه ، وذلك أنّ قريشا قالت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا ، وإنا نخشى عليك مضرّتها لعيبك إياها (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
٣٧ ـ (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ) بغالب منيع (ذِي انْتِقامٍ) ينتقم من أعدائه ، وفيه وعيد لقريش ووعد للمؤمنين بأنه ينتقم لهم منهم وينصرهم عليهم.
ثم أعلم بأنهم مع عبادتهم الأوثان مقرّون بأنّ الله تعالى خلق السماوات والأرض بقوله :
٣٨ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ) بفتح الياء سوى حمزة (بِضُرٍّ) مرض أو فقر أو غير ذلك (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) دافعات شدّته عني (أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) صحة أو غنى أو نحوهما (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) كاشفات ضرّه ، وممسكات رحمته بالتنوين على الأصل بصري ، وفرض المسألة في نفسه دونهم لأنهم خوّفوه معرّة الأوثان وتخبيلها ، فأمر أن يقرّرهم أولا بأنّ خالق العالم هو الله وحده ، ثم يقول لهم بعد التقرير فإن أرادني خالق العالم الذي أقررتم به بضر أو برحمة هل يقدرون على خلاف ذلك ، فلما أفحمهم قال الله تعالى : (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) كافيا لمعرّة أوثانكم (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) يروى أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم سألهم ، فسكتوا ، فنزل قل حسبي الله ، وإنما قال كاشفات وممسكات على التأنيث بعد قوله ويخوفونك بالذين من دونه لأنهنّ إناث وهن اللات والعزّى ومناة ، وفيه تهكّم بهم وبمعبوديهم.
٣٩ ـ (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) على حالكم التي أنتم عليها وجهتكم من العداوة التي تمكنتم منها ، والمكانة بمعنى المكان فاستعيرت عن العين للمعنى كما يستعار هنا وحيث للزمان ، وهما للمكان (إِنِّي عامِلٌ) أي على مكانتي ، وحذف