(أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (١٨)
سفيان. ونظير قوله وأنت حلّ في الاستقبال قوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (١) وكفاك دليلا على أنه للاستقبال أن السورة مكية بالاتفاق ، وأين الهجرة من وقت نزولها فما بال الفتح (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) هما آدم وولده ، أو كل والد وولده ، أو إبراهيم وولده ، وما بمعنى من أو بمعنى الذي (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) جواب القسم (فِي كَبَدٍ) مشقة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ، وعن ذي النون : لم يزل مربوطا بحبل القضاء مدعوا إلى الائتمار والانتهاء والضمير في :
٥ ـ ١٠ ـ (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) لبعض صناديد قريش الذين كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكابد منهم ما يكابد ، ثم قيل هو أبو الأشد (٢) ، وقيل الوليد بن المغيرة ، والمعنى أيظن هذا الصنديد القويّ في قومه المتضعّف للمؤمنين أن لن تقوم قيامة ولن يقدر على الانتقام منه. ثم ذكر ما يقوله في ذلك اليوم وأنه (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) أي كثيرا ، جمع لبدة وهو ما تلبّد أي كثر واجتمع ، يريد كثرة ما أنفقه فيما كان أهل الجاهلية يسمونها مكارم ومعالي (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) حين كان ينفق ما ينفق رياء وافتخارا ، يعني أن الله تعالى كان يراه ، وكان عليه رقيبا. ثم ذكر نعمه عليه فقال (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) يبصر بهما المرئيات (وَلِساناً) يعبر به عما في ضميره (وَشَفَتَيْنِ) يستر بهما ثغره ، ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) طريقي الخير والشر المفضيين إلى الجنة والنار ، وقيل الثديين.
١١ ـ ١٨ ـ (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني فلم يشكر تلك الأيادي والنّعم بالأعمال الصالحة من فك الرقاب ، أو إطعام اليتامى
__________________
(١) الزمر ، ٣٩ / ٣٠.
(٢) قال الطبري : نزل في رجل بعينه من بني جمح كان يدعى أبا الأشدين وكان شديدا.