(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ) (٢٠)
والمساكين ، ثم بالإيمان الذي هو أصل كلّ طاعة وأساس كل خير ، بل غمط النّعم وكفر بالمنعم ، والمعنى أن الإنفاق على هذا الوجه مرضي نافع عند الله ، لا أن يهلك ماله لبدا في الرياء والفخار ، وقلّما تستعمل لا مع الماضي إلا مكررة ، وإنما لم تكرر في الكلام الأفصح لأنه لما فسّر اقتحام العقبة بثلاثة أشياء صار كأنه أعاد لا ثلاث مرات ، وتقديره فلا فكّ رقبة ولا أطعم مسكينا ولا آمن.
والاقتحام الدخول والمجاوزة بشدة ومشقة ، والقحمة الشدة ، فجعل الصالحة عقبة وعملها اقتحاما لها لما في ذلك من معاناة المشقة ومجاهدة النفس ، وعن الحسن : عقبة والله شديدة مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه الشيطان. والمراد بقوله ما العقبة ما اقتحامها ، ومعناه أنك لم تدر كنه صعوبتها على النفس وكنه ثوابها عند الله ، وفكّ الرقبة تخليصها من الرّقّ ، والإعانة في مال الكتابة. فكّ رقبة أو أطعم مكي وأبو عمرو وعليّ على الإبدال من اقتحم العقبة ، وقوله وما أدراك ما العقبة اعتراض. غيرهم فكّ رقبة أو إطعام على : اقتحامها فكّ رقبة أو إطعام ، والمسغبة المجاعة ، والمقربة القرابة ، والمتربة الفقر مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب يقال فلان ذو قرابتي وذو مقربتي. وترب إذا افتقر ، ومعناه التصق بالتراب ، فيكون مأواه المزابل ، ووصف اليوم بذي مسغبة كقولهم همّ ناصب أي ذو نصب.
ومعنى ثم كان من الذين آمنوا أي داوم على الإيمان ، وقيل ثم بمعنى الواو ، وقيل إنما جاء بثم لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة لا في الوقت إذا الإيمان هو السابق على غيره ولا يثبت عمل صالح إلا به (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) عن المعاصي وعلى الطاعات والمحن التي يبتلى بها المؤمن (وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) بالتراحم فيما بينهم (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي الموصوفون بهذه الصفات من أصحاب الميمنة.
١٩ ـ ٢٠ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا) بالقرآن أو بدلائلنا (هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) أصحاب الشمال ، والميمنة والمشأمة اليمين والشمال ، أو اليمن والشؤم ، أي الميامين على أنفسهم والمشائيم عليهن (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) وبالهمز أبو عمرو وحمزة وحفص ، أي مطبقة من أوصدت الباب وآصدته إذا أطبقته وأغلقته (١).
__________________
(١) زاد في (ز) والله أعلم.