(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣) وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥) جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا (٣٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا) (٣٨)
محاسبة الله إياهم ، أو لم يؤمنوا بالبعث ليرجوا (١) حسابا (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) تكذيبا ، وفعّال في باب فعّل كلّه فاش (وَكُلَّ شَيْءٍ) نصب بمضمر يفسره (أَحْصَيْناهُ كِتاباً) مكتوبا في اللوح ، حال أو مصدر في موضع إحصاء ، أو أحصينا في معنى كتبنا لأن الأحصاء يكون بالكتابة غالبا ، وهذه الآية اعتراض لأن قوله (فَذُوقُوا) مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات ، أي فذوقوا جزاءكم ، والالتفات شاهد على شدة الغضب (فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) في الحديث : (هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار) (٢).
٣١ ـ ٣٨ ـ (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) مفعل من الفوز ، يصلح مصدرا أي نجاة من كلّ مكروه وظفرا بكل محبوب ، ويصلح للمكان وهو الجنة ثم أبدل منه بدل البعض من الكل فقال (حَدائِقَ) بساتين فيها أنواع الشجر المثمر ، جمع حديقة (وَأَعْناباً) كروما ، عطف على حدائق (وَكَواعِبَ) نواهد (أَتْراباً) لدّات مستويات في السن (وَكَأْساً دِهاقاً) مملوءة (لا يَسْمَعُونَ فِيها) في الجنة ، حال من ضمير خبر إنّ (لَغْواً) باطلا (وَلا كِذَّاباً) الكسائي خفيف بمعنى مكاذبة ، أي لا يكذب بعضهم بعضا ولا يكاذبه (جَزاءً) مصدر ، أي جزاهم جزاء (مِنْ رَبِّكَ عَطاءً) مصدر ، أو بدل من جزاء (حِساباً) صفة يعني كافيا ، أو على حسب أعمالهم (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) بجرهما ابن عامر وعاصم بدلا من ربك ، ومن رفعهما فربّ خبر مبتدأ محذوف ، أو مبتدأ خبره الرحمن ، أو الرحمن صفته ، ولا يملكون خبر ، أو هما خبران والضمير في (لا يَمْلِكُونَ) لأهل السماوات والأرض ، وفي (مِنْهُ خِطاباً) لله تعالى ، أي لا يملكون الشفاعة من عذابه تعالى إلا بإذنه ، أو لا يقدر أحد أن يخاطبه تعالى خوفا (يَوْمَ يَقُومُ) إن جعلته ظرفا للا يملكون لا تقف على خطابا ، وإن جعلته
__________________
(١) في (ز) فيرجوا.
(٢) ابن أبي حاتم والثعلبي من رواية جسر بن فرقد السبخي عن الحسن : سألت أبا بزرة الأسلمي فذكره ، وجسر ضعيف. ورواه الطبراني والبيهقي في الشعب موقوفا.