(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلْطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاء وِفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا) (٣٠)
وما لها اليوم من فروج (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) عن وجه الأرض (فَكانَتْ سَراباً) (١).
٢١ ـ ٢٥ ـ (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) طريقا عليه ممر الخلق ، فالمؤمن يمر عليها ، والكافر يدخلها ، وقيل المرصاد الحدّ الذي يكون فيه الرصد ، أي هي حدّ الطاغين الذين يرصدون فيه للعذاب ، وهي مآبهم ، أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها لأنّ مجازهم عليها (لِلطَّاغِينَ مَآباً) للكافرين مرجعا (لابِثِينَ) ماكثين حال مقدرة من الضمير في للطاغين. حمزة لبثين ، واللبث أقوى إذ اللابث من وجد منه اللبث وإن قل ، واللبث من شأنه اللبث والمقام في المكان (فِيها) في جهنم (أَحْقاباً) ظرف جمع حقب وهو الدهر ، ولم يرد به عدد محصور بل الأبد ، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية ، ولا يستعمل الحقب والحقبة إلا إذا أريد تتابع الأزمنة وتواليها ، وقيل الحقب ثمانون سنة ، وسئل بعض العلماء عن هذه الآية فأجاب : بعد عشرين سنة لابثين فيها أحقابا (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) أي غير ذائقين حال من ضمير لابثين ، فإذا انقضت هذه الأحقاب التي عذّبوا فيها بمنع البرد والشراب ، بدّلوا بأحقاب أخر فيها عذاب آخر ، وهي أحقاب بعد أحقاب لا انقطاع لها ، وقيل هو من حقب عامنا إذا قلّ مطره وخيره ، وحقب فلان إذا أخطأه الرزق فهو حقب وجمعه أحقاب ، فينتصب حالا عنهم أي لابثين فيها حقبين جهدين ، ولا يذوقون فيها بردا ولا شرابا تفسير له ، وقوله (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) استثناء منقطع أي لا يذوقون في جهنم أو في الأحقاب بردا روحا ينفّس عنهم حرّ النار أو نوما ، ومنه منع البرد البرد ، ولا شرابا يسكّن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميما ماء حارا يحرق ما يأتي عليه ، وغساقا ماء يسيل من صديدهم. وبالتشديد كوفي غير أبي بكر.
٢٦ ـ ٣٠ ـ (جَزاءً) جوزوا جزاء (وِفاقاً) موافقا لأعمالهم ، مصدر بمعنى الصفة أو ذا وفاق ، ثم استأنف معللا فقال (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) لا يخافون
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) أي هباء تخيل الشمس أنه ماء.