(ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (٣٩) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) (٤٠)
ظرفا للا يتكلمون تقف (الرُّوحُ) جبريل عند الجمهور ، وقيل هو ملك عظيم ما خلق الله تعالى بعد العرش خلقا أعظم منه (وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) حال ، أي مصطفين (لا يَتَكَلَّمُونَ) أي الخلائق ثمّ خوفا (١) (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) في الكلام ، أو في (٢) الشفاعة (وَقالَ صَواباً) حقا ، بأن قال المشفوع له لا إله إلا الله في الدنيا ، أو لا يؤذن إلا لمن يتكلم بالصواب في أمر الشفاعة.
٣٩ ـ ٤٠ ـ (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ) الثابت وقوعه (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) مرجعا بالعمل الصالح (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ) أيها الكفار (عَذاباً قَرِيباً) في الآخرة ، لأن ما هو آت قريب (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ) الكافر لقوله : إنا أنذرناكم عذابا قريبا (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) من الشر لقوله : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) (٣) وتخصيص الأيدي لأن أكثر الأعمال تقع بها وإن احتمل أن لا يكون للأيدي مدخل فيما ارتكب من الآثام (وَيَقُولُ الْكافِرُ) وضع الظاهر موضع المضمر لزيادة الذم ، أو المرء عام وخصّ منه الكافر ، وما قدمت يداه ما عمل من خير وشر ، أو هو المؤمن لذكر الكافر بعده وما قدم من خير ، وما استفهامية منصوبة بقدّمت ، أي ينظر أي شيء قدمت يداه ، أو موصولة منصوبة بينظر ، يقال نظرته يعني نظرت إليه ، والراجع من الصلة محذوف أي ما قدمته (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف ، أو ليتني كنت ترابا في هذا اليوم فلم أبعث ، وقيل يحشر الله الحيوان غير المكلف حتى يقتصّ للجماء من القرناء ثم يردّه ترابا فيود الكافر حاله ، وقيل الكافر إبليس يتمنى أن يكون كآدم مخلوقا من التراب ليثاب ثواب أولاده المؤمنين (٤).
__________________
(١) زاد في (ز) من.
(٢) ليس في (ظ) و (ز) في.
(٣) الأنفال ، ٨ / ٥٠ ـ ٥١.
(٤) زاد في (ز) والله أعلم.