(وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ) (٣٧)
٢٦ ـ (وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) أي يا ليتني لم أعلم ما حسابي.
٢٧ ـ (يا لَيْتَها) يا ليت الموتة التي متّها (كانَتِ الْقاضِيَةَ) أي القاطعة لأمري فلم أبعث بعدها ولم ألق ما ألقى.
٢٨ ـ (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) أي لم ينفعني ما جمعته في الدنيا ، فما نفي ، والمفعول محذوف أي شيئا.
٢٩ ـ (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) ملكي وتسلطي على الناس وبقيت فقيرا ذليلا ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ضلّت عني حجّتي أي بطلت حجّتي التي كنت أحتجّ بها في الدنيا ، فيقول الله تعالى لخزنة جهنم :
٣٠ ـ ٣٢ ـ (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) أي اجمعوا يديه إلى عنقه (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أدخلوه (١) ، يعني ثم لا تصلوه إلّا الجحيم ، وهي النار العظمى ، أو نصب الجحيم بفعل يفسّره صلّوه (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها) طولها (سَبْعُونَ ذِراعاً) بذراع الملك عن ابن جريج (٢) ، وقيل لا يعرف قدرها إلّا الله (فَاسْلُكُوهُ) فأدخلوه ، والمعنى في تقديم السلسلة على السّلك مثله في تقديم الجحيم على التّصلية.
٣٣ ـ ٣٧ ـ (إِنَّهُ) تعليل ، كأنه قيل ما له يعذّب هذا العذاب الشديد؟ فأجيب بأنّه (كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ. وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) على بذل طعام المسكين ، وفيه إشارة إلى أنه كان لا يؤمن بالبعث لأن الناس لا يطلبون من المساكين الجزاء فيما يطعمونهم وإنما يطعمونهم لوجه الله ورجاء الثواب في الآخرة ، فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم ، أي أنه مع كفره لا يحرّض غيره على إطعام المحتاجين ، وفيه دليل قويّ على عظم جرم حرمان المسكين لأنه عطفه على الكفر
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أي أدخلوه.
(٢) ابن جريج : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، فقيه الحرم المكي ، كان إمام أهل الحجاز في عصره ولد عام ٨٠ ه وتوفي عام ١٥٠ ه (الأعلام ٤ / ١٦٠).