(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ) (٢٥)
عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعندها تطير الصحف فيأخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله) (١).
١٩ ـ (فَأَمَّا) تفصيل للعرض (مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ) سرورا به لما يرى فيه من الخيرات خطابا لجماعته (هاؤُمُ) اسم للفعل أي خذوا (اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) تقديره هاؤم كتابي اقرؤوا كتابيه فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، والعامل في كتابيه اقرؤوا عند البصريين. لأنهم يعملون الأقرب ، والهاء في كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه للسكت وحقّها أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل ، وقد استحبّ إيثار الوقف إيثارا لثباتها لثبوتها في المصحف.
٢٠ ـ (إِنِّي ظَنَنْتُ) علمت ، وإنما أجري الظنّ مجرى العلم لأنّ الظنّ الغالب يقوم مقام العلم في العادات والأحكام ، ولأن ما يدرك بالاجتهاد قلّما يخلو عن الوساوس (٢) والخواطر وهي تفضي إلى الظنون فجاز إطلاق لفظ الظنّ عليها لما لا يخلو عنه (أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) معاين حسابي.
٢١ ـ (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ذات رضا يرضى بها صاحبها ، كلابن (٣).
٢٢ ـ (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) رفيعة المكان ، أو رفيعة الدرجات ، أو رفيعة المباني والقصور ، وهو خبر بعد خبر.
٢٣ ـ (قُطُوفُها دانِيَةٌ) ثمارها قريبة من مريدها ينالها القاعد كالقائم (٤) يقال لهم :
٢٤ ـ (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أكلا وشربا هنيئا لا مكروه فيهما ولا أذى ، أم هنئتم هنيئا على المصدر (بِما أَسْلَفْتُمْ) بما قدّمتم من الأعمال الصالحة (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) الماضية من أيام الدنيا ، وعن ابن عباس : هي في الصائمين ، أي كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله.
٢٥ ـ (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) لما يرى فيها من الفضائح.
__________________
(١) كنز العمال ، ١٤ / ٣٨٩٣٧.
(٢) في (ز) الوسواس.
(٣) أي وزنا ، فراض كلابن واللابن صاحب اللبن.
(٤) في (ز) القائم والقاعد والمتكىء.