(أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (٥١)
يؤمنون استفهام بمعنى النفي ، أي لست تطمع (١) أجرا على تبليغ الوحي ، فيثقل عليهم ذلك ، فيمتنعوا لذلك.
٤٧ ـ (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) أي اللوح المحفوظ عند الجمهور (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) منه ما يحكمون به.
٤٨ ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم ، لأنهم وإن أمهلوا لهم يهملوا (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) كيونس عليهالسلام في العجلة والغضب على القوم حتى لا تبتلى ببلائه. والوقف على الحوت لأن إذ ليس بظرف لما تقدّمه ، إذ النداء طاعة فلا ينهى عنه بل مفعول محذوف أي اذكر (إِذْ نادى) دعا ربّه في بطن الحوت : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢) (وَهُوَ مَكْظُومٌ) مملوء غيظا ، من كظم السّقاء إذا سلأه.
٤٩ ـ (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ) رحمة (مِنْ رَبِّهِ) أي لو لا أنّ الله أنعم عليه بإجابة دعائه وقبول عذره (لَنُبِذَ) من بطن الحوت (بِالْعَراءِ) بالفضاء (وَهُوَ مَذْمُومٌ) معاتب بزلّته ، لكنه رحم فنبذ غير مذموم.
٥٠ ـ (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) اصطفاه لدعائه وقبول (٣) عذره (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) من المستكملين لصفات الصلاح ولم يبق له زلّة ، وقيل من الأنبياء ، وقيل من المرسلين ، والوجه هو الأول ، لأنه كان مرسلا ونبيا قبله لقوله تعالى : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٤). الآيات.
٥١ ـ (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) وبفتح الياء مدني ، إن مخففة من الثقيلة ، واللام علمها ، زلّقه وأزلقه أزاله عن مكانه ، أي قارب الكفار من شدة نظرهم إليك شزرا بعيون العداوة أن يزيلوك بأبصارهم عن مكانك أو يهلكوك لشدة حنقهم عليك. وكانت العين في بني أسد ، فكان الرجل منهم يتجوّع ثلاثة أيام فلا
__________________
(١) في (ز) تطلب.
(٢) الأنبياء ، ٢١ / ٨٧.
(٣) ليس في (ز) وقبول.
(٤) الصافات ، ٣٧ / ١٣٩ ـ ١٤٠.