(خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ) (٤٦)
لأنها ساق معهودة عنده (وَيُدْعَوْنَ) أي الكفار ثمة (إِلَى السُّجُودِ) لا تكليفا ولكن توبيخا على تركهم السجود في الدنيا (فَلا يَسْتَطِيعُونَ) ذلك لأنّ ظهورهم تصير كصياصي البقر (١) لا تنثني عند الخفض والرفع.
٤٣ ـ (خاشِعَةً) ذليلة ، حال من الضمير في يدعون (أَبْصارُهُمْ) أي يدعون في حال خشوع أبصارهم (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) تغشاهم صغار (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ) على ألسن الرسل (إِلَى السُّجُودِ) في الدنيا (وَهُمْ سالِمُونَ) أي وهم أصحاء فلا يسجدون فلذلك منعوا عن السجود ثمّ.
٤٤ ـ (فَذَرْنِي) يقال ذرني وإياه أي كله إليّ أكفيكه (وَمَنْ يُكَذِّبُ) معطوف على المفعول ، أو مفعول معه (بِهذَا الْحَدِيثِ) بالقرآن ، والمراد كل أمره إليّ خلّ بيني وبينه ، فإني عالم بما ينبغي أن يفعل به مطيق له ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكّل عليّ في الانتقام منه ، تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتهديد للمكذبين (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) سندنيهم من العذاب درجة درجة ، يقال استدرجه إلى كذا إذا (٢) استنزله إليه درجة فدرجة حتى يورطه فيه ، واستدراج الله تعالى العصاة أن يرزقهم الصحة والنعمة فيجعلون رزق الله ذريعة إلى ازدياد المعاصي (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) من الجهة التي لا يشعرون أنه استدراج ، قيل : كلما جدّدوا معصية جدّدنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها ، قال عليهالسلام : (إذا رأيت الله تعالى ينعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج) (٣) وتلا الآية.
٤٥ ـ (وَأُمْلِي لَهُمْ) وأمهلهم (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) قويّ شديد ، فسمى إحسانه وتمكينه كيدا كما سمّاه استدراجا لكونه في صورة الكيد حيث كان سببا للهلاك. والأصل أنّ معنى الكيد والمكر والاستدراج هو الأخذ من جهة الأمن ، ولا يجوز أن يسمى الله كائدا وماكرا ومستدرجا.
٤٦ ـ (أَمْ تَسْئَلُهُمْ) على تبليغ الرسالة (أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) غرامة (مُثْقَلُونَ) فلا
__________________
(١) صياصي البقر : قرونها (القاموس ٢ / ٣٠٧).
(٢) في (ظ) و (ز) أي.
(٣) لم أجده.