(أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) (٤٢)
تدرسون أنّ لكم ما تخيّرون بفتح أنّ لأنه مدروس لوقوع الدرس عليه ، وإنما كسرت لمجيء اللام في خبره (١) ، ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى نُوحٍ) (٢) وتخير الشيء واختاره أخذ خيره.
٣٩ ـ (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا) عهود مؤكدة بالأيمان (بالِغَةٌ) نعت أيمان ، ويتعلق (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ببالغة ، أي أنها تبلغ ذلك اليوم وتنتهي إليه وافرة لم تبطل منها يمين إلى أن يحصل المقسم عليه من التحكيم ، أو بالمقدّر في الظرف أي هي ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها إلا يومئذ إذا حكّمناكم وأعطيناكم ما تحكمون (إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) به لأنفسكم ، وهو جواب القسم ، لأن معنى أم لكم أيمان علينا أم أقسمنا لكم بأيمان مغلظة متناهية في التوكيد.
٤٠ ـ (سَلْهُمْ) أي المشركين (أَيُّهُمْ بِذلِكَ) الحكم (زَعِيمٌ) كفيل بأنه يكون ذلك.
٤١ ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) أي ناس يشاركونهم في هذا القول ويذهبون مذهبهم فيه (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) في دعواهم ، يعني أنّ أحدا لا يسلّم ولهم هذا ولا يساعدهم عليه ، كما أنه لا كتاب لهم ينطق به ، ولا عهد لهم به عند الله ، ولا زعيم لهم يضمن لهم من الله بهذا.
٤٢ ـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) ناصب الظرف فليأتوا ، أو اذكر مضمرا ، والجمهور على أنّ الكشف عن الساق عبارة عن شدة الأمر وصعوبة الخطب ، فمعنى يوم يكشف عن ساق يوم يشتدّ الأمر ويصعب ، ولا كشف ثمة ولا ساق ولكن كنّى به عن الشدة لأنهم إذا ابتلوا بشدة كشفوا عن الساق ، وهذا كما نقول للأقطع الشحيح يده مغلولة ولا يد ثمة ولا غلّ وإنما هو كناية عن البخل ، وأما من شبّه فلضيق عطنه (٣) وقلة نظره في علم البيان ، ولو كان الأمر كما زعم المشبّه لكان من حقّ الساق أن تعرّف
__________________
(١) ليس في (ز) في خبره.
(٢) الصافات ، ٣٧ / ٧٨ ـ ٧٩.
(٣) ضيق عطنه : ضيق مشربه ، وهو تعبير يفسره ما بعده (انظر القاموس ٤ / ٢٤٨).