(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ) (٢٢)
١٧ ـ (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) امتحنا أهل مكة بالقحط والجوع أكلوا الجيف والرّمم بدعاء النبي صلىاللهعليهوسلم حيث قال : (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف) (١) (كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) هم قوم من أهل الصّلات كانت لأبيهم هذه الجنة بقرية يقال لها ضروان (٢) ، وكانت على فرسخين من صنعاء (٣) ، وكان يأخذ منها قوت سنته ويتصدّق بالباقي على الفقراء ، فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال ، فحلفوا ليصرمنّها مصبحين في السّدف (٤) خيفة من المساكين ، ولم يستثنوا في يمينهم ، فأحرق الله جنتهم ، وقال الحسن : كانوا كفارا ، والجمهور على الأول (إِذْ أَقْسَمُوا) حلفوا (لَيَصْرِمُنَّها) ليقطعنّ ثمرها (مُصْبِحِينَ) داخلين في الصبح قبل انتشار الفقراء ، حال من فاعل ليصرمنّها.
١٨ ـ (وَلا يَسْتَثْنُونَ) ولا يقولون إن شاء الله ، وسمّي استثناء وإن كان شرطا صورة لأنه يؤدي مؤدّى الاستثناء من حيث أن معنى قولك لأخرجنّ إن شاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد.
١٩ ـ (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) نزل عليها بلاء ، قيل أنزل الله تعالى عليها نارا فأحرقتها (وَهُمْ نائِمُونَ) أي في حال نومهم.
٢٠ ـ (فَأَصْبَحَتْ) فصارت الجنة (كَالصَّرِيمِ) كالليل المظلم أي احترقت فاسودت ، أو كالصبح أي صارت أرضا بيضاء بلا شجر ، وقيل كالمصرومة أي كأنها صرمت لهلاك ثمرها.
٢١ ـ (فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ) نادى بعضهم بعضا عند الصباح.
٢٢ ـ (أَنِ اغْدُوا) باكروا (عَلى حَرْثِكُمْ) ولم يقل إلى حرثكم لأن الغدوّ إليه
__________________
(١) سبق تخريجه. انظر ٢١ / ١١٢ و ٤٤ / ١٠.
(٢) ضروان : أرض مستوية فيه شجر وهو بليد قرب صنعاء سمي باسم واد هو على طرفه وذلك الوادي مستطيل هذه المدينة في طرفه من جهة صنعاء (معجم البلدان ٣ / ٥١٨).
(٣) صنعاء : كان اسمها في القديم أزال وقيل سميت بصنعاء بن أزال بن يقطن وهو الذي بناها وبين صنعاء وعدن ثمانية وستون ميلا (معجم البلدان ٣ / ٤٨٣).
(٤) السدف : اختلاط الضوء والظلمة معا كوقت ما بين طلوع الفجر إلى الإسفار (القاموس ٣ / ١٥١).