(فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) (٢٩)
ليصرموه كان غدوا عليه ، أو ضمّن الغدوّ معنى الإقبال أي فأقبلوا على حرثكم باكرين (إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ) مريدين صرامه.
٢٣ ـ (فَانْطَلَقُوا) ذهبوا (وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) يتسارّون فيما بينهم لئلا يسمع (١) المساكين.
٢٤ ـ (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا) أي الجنة ، وإن مفسرة ، وقرىء بطرحها بإضمار القول ، أي يتخافتون يقولون لا يدخلنّها (الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) والنهي عن دخول المساكين نهي عن التمكين ، أي لا تمكنوه من الدخول.
٢٥ ـ (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ) على جد في المنع (قادِرِينَ) عند أنفسهم (٢) على المنع كذا عن نفطويه ، أو الحرد القصد والسرعة أي وغدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة قادرين عند أنفسهم على صرامها وزيّ (٣) منفعتها عن المساكين ، أو هو علم للجنة أي غدوا على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم.
٢٦ ـ (فَلَمَّا رَأَوْها) أي جنتهم محترقة (قالُوا) في بديهة وصولهم (إِنَّا لَضَالُّونَ) أي ضللنا جنتنا وما هي بها لما رأوا من هلاكها ، فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا :
٢٧ ـ (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا.
٢٨ ـ (قالَ أَوْسَطُهُمْ) أعدلهم وخيرهم (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) هلا تستثنون ، إذ الاستثناء التسبيح لالتقائهما في معنى التعظيم لله ، لأن الاستثناء تفويض إليه ، والتسبيح تنزيه له ، وكلّ واحد من التفويض والتنزيه تعظيم ، أو لو لا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم ، كأنّ أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك : اذكروا الله وانتقامه من المجرمين وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة فعصوه ، فعيّرهم ، ولهذا :
٢٩ ـ (قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فتكلموا بعد خراب البصرة بما كان يدعوهم إلى التكلّم به أولا ، وأقروا على أنفسهم بالظلم في منع المعروف وترك
__________________
(١) في (ز) يسمعوا.
(٢) في (ز) أنفسكم.
(٣) زيّ : قبض وجمع.