(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ) (١٠)
غير مقطوع ، أو غير ممنون عليك (١).
٤ ـ (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قيل هو ما أمره الله تعالى به في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (٢) وقالت عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن (٣) أي ما فيه من مكارم الأخلاق ، وإنما استعظم خلقه لأنه جاد بالكونين وتوكل على خالقهما.
٥ ـ (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) أي عن قريب ترى ويرون ، وهذا وعد له ووعيد لهم.
٦ ـ (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) المجنون ، لأنه فتن أي محن بالجنون ، والباء مزيدة ، أو المفتون مصدر كالمعقول أي بأيكم الجنون ، وقال الزّجّاج : الباء بمعنى في تقول كنت ببلد كذا أي في بلد كذا وتقديره في أيكم المفتون أي في أي الفريقين منكم المجنون فريق الإسلام أو فريق الكفر.
٧ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي هو أعلم بالمجانين على الحقيقة وهم الذين ضلوا عن سبيله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي هو أعلم بالعقلاء وهم المهتدون.
٨ ـ (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) تهييج للتصميم على معاصاتهم ، وقد أرادوه على أن يعبد الله مدة وآلهتهم مدة ويكفوا عنه غوائلهم.
٩ ـ (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) لو تلين لهم (فَيُدْهِنُونَ) فيلينون لك ، ولم ينصب بإضمار أن ، وهو جواب التمني ، لأنه عدل به إلى طريق آخر وهو أن جعل خبر مبتدأ محذوف أي فهم يدهنون أي فهم الآن يدهنون لطمعهم في ادهانك.
١٠ ـ (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) كثير الحلف في الحق والباطل ، وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف (مَهِينٍ) حقير في الرأي والتمييز ، من المهانة وهي القلة والحقارة ، أو كذاب لأنه حقير عند الناس.
__________________
(١) زاد في (ز) به.
(٢) الأعراف ، ٧ / ١٩٩.
(٣) مسلم من رواية سعد بن هشام والطبري من رواية قتادة.