أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (٨٧)
(كِتابٍ) أي اللوح المحفوظ (مَكْنُونٍ) مصون عن أن يأتيه الباطل ، أو من غير المقربين من الملائكة لا يطلع عليه من سواهم (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) من جميع الأدناس ، أدناس الذنوب وغيرها إن جعلت الجملة صفة لكتاب مكنون ، وهو اللوح ، وإن جعلتها صفة للقرآن فالمعنى لا ينبغي أن يمسّه إلا من هو على الطهارة من الناس ، والمراد مسّ المكتوب منه (تَنْزِيلٌ) صفة رابعة للقرآن ، أي منزّل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أو وصف بالمصدر لأنه نزل نجوما من بين سائر كتب الله ، فكأنه فى نفسه تنزيل ، ولذلك جرى مجرى بعض أسمائه ، فقيل جاء في التنزيل كذا ، ونطق به التنزيل ، أو هو تنزيل على حذف المبتدأ.
٨١ ـ ٨٢ ـ (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) أي القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) متهاونون به ، كمن يدهن في بعض الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي تجعلون شكر رزقكم التكذيب ، أي وضعتم التكذيب موضع الشكر ، وفي قراءة علي رضي الله عنه وهي قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتجعلون شكركم أنكم تكذبون ، أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذّبون به ، وقيل نزلت في الأنواء ونسبتهم السّقيا إليها ، والرزق المطر ، أي وتجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه إلى النجوم.
٨٣ ـ ٨٥ ـ (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ) النفس أي الروح عند الموت (الْحُلْقُومَ) ممرّ الطعام والشراب (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) الخطاب لمن حضر الميت تلك الساعة (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) إلى المحتضر (مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) لا تعقلون ولا تعلمون.
٨٦ ـ ٨٧ ـ (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) مربوبين ، من دان السلطان الرعية إذا ساسهم (تَرْجِعُونَها) تردّون النفس وهي الروح إلى الجسد بعد بلوغ الحلقوم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنكم غير مربوبين مقهورين ، فلو لا في الآيتين للتحضيض يستدعي فعلا وذا قوله ترجعونها ، واكتفى بذكره مرة ، وترتيب الآية فلو لا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين ، وفلو لا الثانية مكررة للتأكيد ، ونحن أقرب إليه منكم يا أهل الميّت بقدرتنا وعلمنا ، أو بملائكة الموت ، والمعنى أنكم في جحودكم آيات الله في كلّ شيء ، إن أنزل عليكم كتابا معجزا قلتم سحر وافتراء ، وإن أرسل إليكم رسولا