(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣)
الوري والعفار شجر تقدح منه النار ، يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهي أنثى فتنقدح النار بإذن الله ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ليس من شجرة إلا وفيها النار إلا العنّاب لمصلحة الدقّ للثياب ، فمن قدر على جمع الماء والنار في الشجر قدر على المعاقبة بين الموت والحياة في البشر ، وإجراء أحد الضدين على الآخر بالتعقيب أسهل في العقل من الجمع معا بلا ترتيب ، والأخضر على اللفظ وقرىء الخضراء على المعنى.
ثم بيّن أنّ من قدر على خلق السماوات والأرض مع عظم شأنهما فهو على خلق الأناسيّ أقدر بقوله :
٨١ ـ (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) في الصغر بالإضافة إلى السماوات والأرض ، أو أن يعيدهم لأنّ المعاد مثل المبتدأ وليس به (بَلى) أي قل بلى هو قادر على ذلك (وَهُوَ الْخَلَّاقُ) الكثير المخلوقات (الْعَلِيمُ) الكثير المعلومات.
٨٢ ـ (إِنَّما أَمْرُهُ) شأنه (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) أن يكوّنه (فَيَكُونُ) فيحدث أي فهو كائن موجود لا محالة ، فالحاصل أنّ المكونات بتخليقه وتكوينه ولكن عبّر عن إيجاده بقوله كن من غير أن كان منه كاف ونون ، وإنما هو بيان لسرعة الإيجاد ، كأنه يقول كما لا يثقل قول كن عليكم فكذا لا يثقل على الله ابتداء الخلق وإعادتهم ، فيكون شامي وعليّ عطف على يقول ، وأما الرفع فلإنها جملة من مبتدأ وخبر لأنّ تقديرها فهو يكون معطوفة على مثلها وهي أمره أن يقول له كن.
٨٣ ـ (فَسُبْحانَ) تنزيه مما وصفه به المشركون وتعجيب من أن يقولوا فيه ما قالوا (الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي ملك كلّ شيء وزيادة الواو والتاء للمبالغة ، يعني هو مالك كلّ شيء (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تعادون بعد الموت بلا فوت ، ترجعون يعقوب. قال عليه الصلاة والسلام : (إنّ لكلّ شيء قلبا وإنّ قلب القرآن يس من قرأ يس يريد بها وجه الله غفر الله له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين