(ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) (٤)
الاعتراضية ، وهي قوله (وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أي القرآن ، وقيل إنّ دين محمد هو الحقّ إذ لا يرد عليه النسخ وهو ناسخ لغيره (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي لرجوعهم عنها وتوبتهم (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) أي حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين ، وبالتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النّصرة والتأييد.
٣ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ) ذلك مبتدأ وما بعده خبره ، أي ذلك الأمر وهو إضلال أعمال أحد الفريقين وتكفير سيئات الثاني ، والإصلاح كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهو الشيطان وهؤلاء الحقّ وهو القرآن (كَذلِكَ) مثل ذلك الضرب (يَضْرِبُ اللهُ) أي يبيّن الله (لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) والضمير راجع إلى الناس ، أو إلى المذكورين من الفريقين على معنى أنه يضرب أمثالهم لأجل الناس ليعتبروا بهم ، وقد جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكافرين ، واتباع الحقّ مثلا لعمل المؤمنين ، أو جعل الإضلال مثلا لخيبة الكفار ، وتكفير السيئات مثلا لفوز الأبرار.
٤ ـ (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من اللقاء وهو الحرب (فَضَرْبَ الرِّقابِ) أصله فاضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل وقدّم المصدر ، فأنيب منابه مضافا إلى المفعول ، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد ، لأنك تذكر المصدر وتدلّ على الفعل بالنصبة التي فيه ، وضرب الرقاب عبارة عن القتل لا أنّ الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء ، ولأن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته ، فوقع عبارة عن القتل وإن ضرب غير رقبته (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) أكثرتم فيهم القتل (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) فأسروهم ، والوثاق بالفتح والكسر (١) اسم ما يوثق به ، والمعنى فشدوا وثاق الأسرى حتى لا يفلتوا منكم (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) أي بعد أن تأسروهم (وَإِمَّا فِداءً) منّا وفداء منصوبان بفعليهما مضمرين ، أي فإما تمنون منّا وإما (٢) تفدون فداء ، والمعنى التخيير
__________________
(١) أي بفتح الواو أو كسرها.
(٢) في (ظ) و (ز) أو.