(لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (٧٥) فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (٧٦)
٧٥ ـ (لا يَسْتَطِيعُونَ) أي آلهتهم (نَصْرَهُمْ) نصر عابديهم (وَهُمْ لَهُمْ) أي الكفار للأصنام (جُنْدٌ) أعوان وشيعة (مُحْضَرُونَ) يخدمونهم ويذبّون عنهم ، أو اتخذوهم لينصروهم عند الله ويشفعوا لهم ، والأمر على خلاف ما توهموا ، حيث هم يوم القيامة جند معدّون لهم محضرون لعذابهم ، لأنهم يجعلون وقودا للنار (١).
٧٦ ـ (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) وبضم الياء وكسر الزاي نافع ، من حزنه وأحزنه ، يعني فلا يهمنّك (٢) تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من عداوتهم (وَما يُعْلِنُونَ) وإنا مجازوهم عليه ، فحقّ مثلك أن يتسلى بهذا الوعيد ويستحضر في نفسه صورة حاله وحالهم في الآخرة حتى ينقشع عنه الهمّ ولا يرهقه الحزن ، ومن زعم أنّ من قرأ أنّا نعلم بالفتح فسدت صلاته ، وإن اعتقد معناه كفر ، فقد أخطأ لأنه يمكن حمله على حذف لام التعليل وهو كثير في القرآن والشعر وفي كلّ كلام ، وعليه تلبية رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الحمد والنعمة لك ، كسر أبو حنيفة وفتح الشافعي رحمة الله عليهما ، وكلاهما تعليل ، فإن قلت إن كان المفتوح بدلا من قولهم كأنه قيل : فلا يحزنك أنا نعلم ما يسرّون وما يعلنون ففساده ظاهر قلت : هذا المعنى قائم مع المكسورة إذا جعلتها مفعولة للقول فقد تبيّن أنّ تعلّق الحزن بكون الله عالما ، وعدم تعلّقه لا يدوران على كسر إنّ وفتحها وإنما يدوران على تقديرك فتفضل إن فتحت بأن تقدّر معنى التعليل ولا تقدّر معنى البدل ، كما أنك تفضّل بتقدير معنى التعليل إذا كسرت ولا تقدّر معنى المفعولية ، ثم إن قدّرته كاسرا أو فاتحا على ما عظم فيه الخطب ذلك القائل فما فيه إلا نهي رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الحزن على علمه تعالى بسرّهم وعلانيتهم ، والنهي عن حزنه ليس إثباتا لحزنه بذلك كما في قوله : (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) (٣) (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٤) (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (٥) ونزل في أبي بن خلف حين أخذ عظما باليا وجعل يفتّه بيده ويقول : يا محمد أترى الله يحيي
__________________
(١) في (ظ) و (ز) وقود النار.
(٢) في (ظ) و (ز) يهمك.
(٣) القصص ، ٢٨ / ٨٦.
(٤) الأنعام ، ٦ / ١٤ ، يونس ، ١٠ / ١٠٥. القصص ، ٢٨ / ٨٧.
(٥) القصص ، ٢٨ / ٨٨.