(كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ(٥٣) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤)
٤٦ ـ (كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) أي الماء الحار الذي انتهى غليانه ، ومعناه غليا كغلي الحميم ، فالكاف منصوب المحلّ ، ثم يقال للزبانية :
٤٧ ـ (خُذُوهُ) أي الأثيم (فَاعْتِلُوهُ) فقودوه بعنف وغلظة ، فاعتلوه مكي ونافع وشامي وسهل ويعقوب (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) إلى وسطها ومعظمها.
٤٨ ـ (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) المصبوب هو الحميم لا عذابه إلا أنه إذا صبّ عليه الحميم فقد صبّ عليه عذابه وشدّته ، وصبّ العذاب استعارة. ويقال له :
٤٩ ـ (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) على سبيل الهزؤ والتهكّم. أنك أي لأنّك عليّ.
٥٠ ـ (إِنَّ هذا) أي العذاب ، أو هذا الأمر هو (ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) أي (١) تشكّون.
٥١ ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ) بالفتح وهو موضع القيام ، والمراد المكان ، وهو من الخاصّ الذي وقع مستعملا في معنى العموم ، وبالضمّ مدني وشامي ، وهو موضع الإقامة (أَمِينٍ) من أمن الرجل أمانة فهو أمين ، وهو ضدّ الخائن ، فوصف به المكان استعارة ، لأن المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره.
٥٢ ـ (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) بدل من مقام أمين.
٥٣ ـ (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ) ما رقّ من الديباج (وَإِسْتَبْرَقٍ) ما غلظ منه ، وهو تعريب استبر ، واللفظ إذا عرّب خرج من أن يكون أعجميا ، لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرف فيه ، وتغييره عن منهاجه ، وإجرائه على أوجه الإعراب ، فساغ أن يقع في القرآن العربي (مُتَقابِلِينَ) في مجالسهم وهو أتمّ للأنس.
٥٤ ـ (كَذلِكَ) الكاف مرفوعة ، أي الأمر كذلك (وَزَوَّجْناهُمْ) وقرنّاهم ،
__________________
(١) ليس في (ز) أي ، وفي (ظ) أي تشكرون وهو خطأ بيّن من الناسخ.