(فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (٣٩)
هي إلا حياتنا الدنيا (١) ، وما معنى ذكر الأولى كأنهم وعدوا موتة أخرى حتى جحدوها وأثبتوا الأولى؟ والجواب : أنه قيل لهم إنكم تموتون موتة تتعقبها حياة كما تقدّمتكم موتة قد تعقبتها حياة ، وذلك قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٢) فقالوا إن هي إلا موتتنا الأولى ، يريدون ما الموتة التي من شأنها أن يتعقّبها حياة إلا الموتة الأولى ، فلا فرق إذا بين هذا وبين قوله : (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) (٣) في المعنى ، ويحتمل أن يكون هذا إنكارا لما في قوله : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٤) (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) بمبعوثين يقال : أنشر الله الموتى ونشرهم إذا بعثهم.
٣٦ ـ (فَأْتُوا بِآبائِنا) خطاب للذين كانوا يعدونهم النشور من رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي إن صدقتم فيما تقولون فعجّلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربّكم ذلك حتى يكون دليلا على أنّ ما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى حقّ.
٣٧ ـ (أَهُمْ خَيْرٌ) في القوة والمنعة (أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) هو تبّع الحميريّ كان مؤمنا وقومه كافرين ، وقيل كان نبيا ، وفي الحديث : (ما أدري أكان تبّع نبيا أو غير نبيّ) (٥) (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) مرفوع بالعطف على قوم تبّع (أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) كافرين منكرين للبعث.
٣٨ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) أي وما بين الجنسين (لاعِبِينَ) حال ، ولو لم يكن بعث ولا حساب ولا ثواب كان خلق الخلق للفناء خاصة فيكون لعبا.
٣٩ ـ (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ) بالجدّ ضدّ اللعب (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنه خلق لذلك.
__________________
(١) في (ز) الأولى.
(٢) البقرة ، ٢ / ٢٨.
(٣) الأنعام ، ٦ / ٢٩. المؤمنون ، ٢٣ / ٣٧. الجاثية ، ٤٥ / ٢٤.
(٤) غافر ، ٤٠ / ١١.
(٥) قال الدارقطني : تفرد به عبد الرزاق وغيره أرسله ، كنز العمال ١٢ / ٣٤٠٨٦ ، ٣٤٠٨٧.