(وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠) قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (٨١)
٨١ ٧٦ ـ (وَما ظَلَمْناهُمْ) بالعذاب (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) هم فصل.
٧٧ ـ (وَنادَوْا يا مالِكُ) لما آيسوا من فتور العذاب نادوا يا مالك وهو خازن النار ، وقيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ يا مال ، فقال : ما أشغل أهل النار عن الترخيم (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) ليمتنا ، من قضى عليه إذا أماته : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) (١) والمعنى سل ربّك أن يقضي علينا (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) لابثون في العذاب لا تتخلصون عنه بموت ولا فتور.
٧٨ ـ (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ) كلام الله تعالى ويجب أن يكون في قال ضمير الله ، لمّا سألوا مالكا أن يسأل الله القضاء عليهم أجابهم الله بذلك ، وقيل هو (٢) متصل بكلام مالك والمراد بقوله جئناكم الملائكة إذ هم رسل الله وهو (٣) منهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) لا تقبلونه وتنفرون منه ، لأنّ مع الباطل الدّعة ومع الحقّ التعب.
٧٩ ـ (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) أم أحكم مشركو مكّة أمرا من كيدهم ومكرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) كيدنا كما أبرموا كيدهم ، وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار الندوة.
٨٠ ـ (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ) حديث أنفسهم (وَنَجْواهُمْ) ما يتحدثون فيما بينهم ويخفونه عن غيرهم (بَلى) نسمعهما ونطّلع عليهما (٤) (وَرُسُلُنا) أي الحفظة (لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) عندهم يكتبون ذلك ، وعن يحيى بن معاذ : من ستر من الناس ذنوبه (٥) وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية فقد جعله أهون الناظرين إليه وهو من أمارات النفاق.
٨١ ـ (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) وصحّ ذلك ببرهان (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) فأنا أول
__________________
(١) القصص ، ٢٨ / ١٥.
(٢) أي ضمير قال في قوله : (قالَ إِنَّكُمْ) الآية السابقة.
(٣) أي مالك.
(٤) في (ظ) و (ز) نسمعها ونطلع عليها.
(٥) في (ز) عيوبه.