(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) (٦٤)
الزبعرى بخداعه لما رأى كلام الله محتملا لفظه وجه العموم مع علمه بأنّ المراد به أصنامهم لا غير وجد للحيلة مساغا ، فصرف اللفظ إلى الشمول والإحاطة بكلّ معبود غير الله على طريق اللجاج والجدال وحبّ المغالبة والمكابرة وتوقّح في ذلك ، فتوفّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أجاب عنه ربّه.
٥٩ ـ (إِنْ هُوَ) وما عيسى (إِلَّا عَبْدٌ) كسائر العباد (١) (أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوّة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) وصيّرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر لبني إسرائيل.
٦٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ) أي بدلا منكم ، كذا قاله الزّجّاج ، وقال جامع العلوم ، لجعلنا بدلكم ، ومن بمعنى البدل (يَخْلُفُونَ) يخلفونكم في الأرض ، أو يخلف الملائكة بعضهم بعضا ، وقيل ولو نشاء لقدرتنا على عجائب الأمور لجعلنا منكم لولّدنا منكم يا رجال ملائكة يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم ، كما ولّدنا عيسى من أنثى من غير فحل لتعرفوا تميّزنا بالقدرة الباهرة ، ولتعلموا أنّ الملائكة أجسام لا تتولد إلا من أجسام والقديم متعال عن ذلك.
٦١ ـ (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) وإنّ عيسى عليهالسلام مما يعلم به مجيء الساعة ، وقرأ ابن عباس لعلم للساعة وهو العلامة ، أي وإنّ نزوله علم للساعة (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) فلا تشكّنّ فيها ، من المرية وهو الشكّ (وَاتَّبِعُونِ) وبالياء فيهما سهل ويعقوب ، أي واتبعوا هداي وشرعي ، أو رسولي ، أو هو أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقوله (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي هذا الذي أدعوكم إليه.
٦٢ ـ (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) عن الإيمان بالساعة ، أو عن الاتباع (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة إذ أخرج أباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور.
٦٣ ـ ٦٤ ـ (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات ، أو بآيات الإنجيل والشرائع
__________________
(١) في (ظ) و (ز) العبيد.