(اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ) (١٩)
(حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) باطلة ، وسماها حجّة وإن كانت شبهة لزعمهم أنها حجّة (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) بكفرهم (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الآخرة.
١٧ ـ (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) أي جنس الكتاب (بِالْحَقِ) بالصدق ، أي (١) ملتبسا به (وَالْمِيزانَ) والعدل والسّويّة (٢) ، ومعنى إنزال العدل أنه أنزله في كتبه المنزلة ، وقيل هو عين الميزان أنزله في زمن نوح عليهالسلام (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) أي لعل الساعة قريب منك وأنت لا تدري ، والمراد مجيء الساعة ، أو الساعة في تأويل البعث ، ووجه مناسبة اقتراب الساعة مع إنزال الكتب والميزان أنّ الساعة يوم الحساب ووضع الموازين بالقسط ، فكأنه قيل أمركم الله بالعدل والسوية (٣) والعمل بالشرائع ، فاعملوا بالكتاب والعدل قبل أن يفاجئكم يوم حسابكم ووزن أعمالكم.
١٨ ـ (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) استهزاء (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) (٤) خائفون وجلون لهولها (وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) الكائن لا محالة (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) المماراة الملاحّة ، لأنّ كلّ واحد منهما يمري ما عند صاحبه (لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) عن الحقّ ، لأن قيام الساعة غير مستبعد من قدرة الله تعالى ، وقد دلّ الكتاب والسنة على وقوعها ، والعقول تشهد على أنه لا بدّ من دار جزاء.
١٩ ـ (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) في إيصال المنافع وصرف البلاء من وجه يلطف إدراكه ، أو (٥) برّ بليغ البرّ بهم قد توصّل برّه إلى جميعهم ، وقيل هو من لطف بالغوامض علمه وعظم عن الجرائم حلمه ، أو من ينشر المناقب ويستر المثالب ، أو يعفو عمن يهفو ، أو يعطي العبد فوق الكفاية ويكلّفه الطاعة دون الطاقة. وعن الجنيد : لطف بأوليائه فعرفوه ولو لطف بأعدائه ما جحدوه (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) أي
__________________
(١) في (ز) أو.
(٢ و ٣) في (ز) والتسوية.
(٤) في (ظ) و (ز) : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ) خائفون (مِنْها) وجلون لهولها.
(٥) في (ز) وهو.