(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦) وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣٧)
٣٤ ـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعني أنّ الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك ، كما لو أساء إليك رجل إساءة فالحسنة أن تعفو عنه ، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك ، مثل أن يذمّك فتمدحه ، ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فإنّك إذا فعلت ذلك انقلب عدوّك المشاقّ مثل الولي الحميم مصافاة لك ، ثم قال :
٣٥ ـ (وَما يُلَقَّاها) أي وما يلقى هذه الخصلة التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) إلا أهل الصبر (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) إلا رجل خير وفّق لحظ عظيم من الخير ، وإنما لم يقل فادفع بالتي هي أحسن لأنه على تقدير قائل قال : فكيف أصنع؟ فقيل : ادفع بالتي هي أحسن ، وقيل لا مزيدة للتأكيد والمعنى لا تستوي الحسنة والسيئة ، وكان القياس على هذا التفسير أن يقال ادفع بالتي هي حسنة ولكن وضع التي هي أحسن موضع الحسنة ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة لأنّ من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : بالتي هي أحسن : الصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، وفسّر الحظّ بالثواب ، وعن الحسن : والله ما عظم حظ دون الجنة ، وقيل نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدوا مؤذيا للنبي صلىاللهعليهوسلم فصار وليا مصافيا.
٣٦ ـ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) النزغ شبه النخس ، والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه ، يبعثه على ما لا ينبغي ، وجعل النزغ نازغا كما قيل جدّ جدّه ، أو أريد وإما ينزغنّك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر ، أو لتسويله ، والمعنى وإن صرفك الشيطان عما وصّيت به من الدفع بالتي هي أحسن (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شرّه وامض على حلمك ولا تطعه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لاستعاذتك (الْعَلِيمُ) بنزغ الشيطان.
٣٧ ـ (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على وحدانيته (اللَّيْلُ وَالنَّهارُ) في تعاقبهما على