(نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (٣٢) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣)
زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية ، وقيل حقيقة الاستقامة القرار بعد الإقرار لا الفرار بعد الإقرار (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَلَّا) بمعنى أي ، أو مخففة من الثقيلة ، وأصله بأنه (تَخافُوا) والهاء ضمير الشأن ، أي لا تخافوا ما تقدمون عليه (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلفتم ، فالخوف غمّ يلحق الإنسان لتوقع المكروه ، والحزن غمّ يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضار ، والمعنى أنّ الله كتب لكم الأمن من كلّ غمّ فلن تذوقوه أبدا (١) (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) في الدنيا ، وقال محمد بن علي الترمذي (٢) : تتنزل عليهم ملائكة الرحمن عند مفارقة الأرواح عن (٣) الأبدان أن لا تخافوا سلب الإيمان ، ولا تحزنوا على ما كان من العصيان ، وأبشروا بدخول الجنان التي كنتم توعدون في سالف الأزمان (٤).
٣١ ـ (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) كما أنّ الشياطين قرناء العصاة وإخوانهم ، فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من النعيم (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) تتمنون.
٣٢ ـ (نُزُلاً) هو رزق النزيل (٥) ، وهو الضيف ، وانتصابه على الحال من الهاء المحذوفة ، أو من ما (مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) نعت له.
٣٣ ـ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) هو (٦) رسول الله دعا إلى التوحيد (وَعَمِلَ صالِحاً) خالصا (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) تفاخرا بالإسلام ومعتقدا له ، أو أصحابه عليهالسلام ، أو المؤذنون ، أو جميع الهداة والدعاة إلى الله.
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) أبدا.
(٢) محمد بن علي الترمذي : أبو عبد الله ، الحكيم الترمذي ، باحث ، صوفي ، عالم بالحديث وأصول الدين لم يعرف تاريخ مولده واضطرب المؤرخون في تاريخ وفاته سنة ٢٥٥ أو ٢٨٥ أو ٣١٨ ه. له حوالي ٥٧ كتابا أو رسالة من تصنيفه (الأعلام ٦ / ٢٧٢).
(٣) ليس في (ظ) و (ز) عن.
(٤) في (ز) الزمان.
(٥) في (ز) نزيل.
(٦) في (ز) إلى عبادته هو.