(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٤٠)
حدّ معلوم وتناوبهما على قدر مقسوم (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) في اختصاصهما بسير مقدّر ونور مقرّر (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) فإنهما مخلوقان وإن كثرت منافعهما (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) الضمير في خلقهن للآيات ، أو الليل والنهار والشمس والقمر ، لأنّ حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى أو الإناث ، تقول الأقلام بريتها وبريتهنّ ، ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لها السجود لله تعالى فنهوا عن هذه الواسطة وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله خالصا إن كانوا إياه يعبدون ، وكانوا موحّدين غير مشركين ، فإنّ من عبد مع الله غيره لا يكون عابدا له (١).
٣٨ ـ (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) أي الملائكة (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) لا يملّون ، والمعنى فإن استكبروا ولم يمتثلوا ما أمروا به وأبوا إلا الواسطة (٢) فدعهم وشأنهم فإنّ الله تعالى لا يعدم عابدا وساجدا بالإخلاص وله العباد المقربون الذين ينزّهونه بالليل والنهار عن الأنداد ، وعند ربّك عبارة عن الزّلفى والمكانة والكرامة ، وموضع السجدة عندنا لا يسأمون ، وعند الشافعي رحمهالله عند تعبدون ، والأول أحوط.
٣٩ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) يابسة مغبرّة ، والخشوع التذلّل ، فاستعير لحال الأرض إذا كانت قحطة لا نبات فيها (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) المطر (اهْتَزَّتْ) تحرّكت بالنبات (وَرَبَتْ) انتفخت (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيكون قادرا على البعث ضرورة.
٤٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا) يميلون عن الحقّ ، في أدلّتنا (٣) يقال
__________________
(١) في (ظ) و (ز) لله.
(٢) زاد في (ز) وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله خالصا. وهي تكرار من الطابع من الآية السابقة.
(٣) زاد في (ز) بالطعن.