(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ١٣ إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) (١٤)
أو كرها لبيان تأثير قدرته فيهما ، وأنّ امتناعهما من تأثير قدرته محال كما تقول لمن تحت يدك : لتفعلنّ هذا شئت أو أبيت ولتفعلنّه طوعا أو كرها ، وانتصابهما على الحال بمعنى طائعتين أو مكرهتين ، وإنما لم يقل طائعتين على اللفظ أو طائعات على المعنى لأنهما سموات وأرضون ، لأنهنّ لما جعلن مخاطبات ومجيبات ووصفن بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات كقوله : (السَّاجِدِينَ) (١).
١٢ ـ (فَقَضاهُنَ) فأحكم خلقهن. قال : وعليهما مسرودتان قضاهما (٢). والضمير يرجع إلى السماء لأنّ السماء للجنس ، ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسّرا بقوله (سَبْعَ سَماواتٍ) والفرق بين النصبين في سبع سماوات أنّ الأول على الحال والثاني على التمييز (فِي يَوْمَيْنِ) في يوم الخميس والجمعة (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) ما أمر به فيها ودبّره من خلق الملائكة والنّيّران وغير ذلك (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) القريبة من الأرض (بِمَصابِيحَ) بكواكب (وَحِفْظاً) وحفظناها من المسترقة بالكواكب حفظا (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الغالب غير المغلوب (الْعَلِيمِ) بمواقع الأمور.
١٣ ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن الإيمان بعد هذا البيان (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ) خوّفتكم (صاعِقَةً) عذابا شديد الوقع كأنه صاعقة ، وأصلها رعد معه نار (مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
١٤ ـ (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي أتوهم من كلّ جانب وعملوا فيهم كلّ حيلة فلم يروا منهم إلا الإعراض ، وعن الحسن : أنذروهم من وقائع الله فيمن قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة (ان) بمعنى أي ، أو مخففة من الثقيلة ، أصله بأنه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ قالُوا) أي القوم (لَوْ شاءَ رَبُّنا) إرسال الرسل ، فمفعول شاء محذوف (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) معناه فإذا أنتم بشر ولستم بملائكة فإنّا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ، وقوله أرسلتم به ليس بإقرار بالإرسال وإنما
__________________
(١) الحجر ، ١٥ / ٢٩. ص ، ٣٨ / ٧٢.
(٢) استشهد به في سورة طه الآية ٧٢.