(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (١١)
وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والعمران والخراب ، فتلك أربعة أيام وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة وخلق آدم عليهالسلام في آخر ساعة من يوم الجمعة) (١) قيل هي الساعة التي تقوم فيها القيامة (سَواءً) ـ بالجر (٢) ـ يعقوب صفة للأيام أي في أربعة أيام مستويات تامات ، سواء بالرفع يزيد أي هي سواء ، غيرهما سواء على المصدر أي استوت سواء أي استواء ، أو على الحال (لِلسَّائِلِينَ) متعلق بقدّر ، أي قدّر فيها الأقوات لأجل الطالبين لها والمحتاجين إليها ، لأنّ كلّا يطلب القوت ويسأله ، أو بمحذوف كأنه قيل هذا الحصر لأجل من سأل : في كم خلقت الأرض وما فيها؟.
١١ ـ (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) هو مجاز عن إيجاد الله تعالى السماء على ما أراد ، تقول العرب : فعل فلان كذا ، ثم استوى إلى عمل كذا ، يريدون أنه أكمل الأول وابتدأ الثاني ، ويفهم منه أنّ خلق السماء كان بعد خلق الأرض ، وبه قال ابن عباس رضي الله عنهما ، وعنه أنه قال : أول ما خلق الله تعالى جوهرة طولها وعرضها مسيرة ألف سنة في مسيرة عشرة آلاف سنة ، فنظر إليها بالهيبة فذابت واضطربت ، ثم ثار منها دخان بتسليط النار عليها ، فارتفع واجتمع زبد ، فقام فوق الماء ، فجعل الزبد أرضا والدخان سماء ، ومعنى أمر السماء والأرض بالإتيان وامتثالهما أنه أراد أن يكوّنهما فلم يمتنعا عليه ، ووجدتا كما أرادهما ، وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع إذا ورد عليه فعل الآمر المطاع ، وإنما ذكر الأرض مع السماء في الأمر بالإتيان والأرض مخلوقة قبل السماء بيومين لأنه قد خلق جرم الأرض أولا غير مدحوّة ثم دحاها بعد خلق السماء كما قال : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣) فالمعنى أن ائتيا على ما ينبغي أن تأتيا عليه من الشكل والوصف ، ائتي يا أرض مدحوة قرارا ومهادا لأهلك ، وائتي يا سماء مقبّبة (٤) سقفا لهم ، ومعنى الإتيان الحصول والوقوع كما تقول أتى عمله مرضيّا ، وقوله طوعا
__________________
(١) الطبري نحوه وأتم منه ، كنز العمال ٦ / ١٥١٢١ و ١٥٢٥١.
(٢) في مصحف النسفي : (سَواءً) لذلك أضفنا ـ بالجر ـ ليتسق المعنى ، قال الحافظ أبو بكر بن مهران : (سَواءً) رفع يزيد ، جر يعقوب (الغاية في القراءات العشر ص ٢٥٥).
(٣) النازعات ، ٧٩ / ٣٠ ، دحاها : بسطها (القاموس ٤ / ٣٢٧).
(٤) في (ظ) و (ز) مقبية.