تملّك الغني لها أولى من تملّك الفقير وأنفع لمالكها حيث يجد لها عوضاً ، بخلاف الفقير ؛ فإنّه إذا تملّكها لم يجد عوضاً لها غالباً فيتلف منه.
وقال أبو حنيفة : إن كان الملتقط فقيراً تخيّر بين الثلاثة المذكورة : الحفظ لصاحبها دائماً ، والصدقة بها وتكون موقوفةً على إجازة صاحبها ، والتملّك لها ، إلاّ أن يكون من ذوي القربى ، وإن كان غنيّاً لم يكن له التملّك ، بل يتخيّر بين الإمساك والصدقة ، فإذا جاء صاحبها فإن رضي بالأجر ، وإلاّ كان له الرجوعُ على الملتقط بها ـ وبه قال الحسن بن صالح والثوري ـ لما رواه عياض بن حمار المجاشعي : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « مَنْ وجد لقطةً فليُشهد عليها ذا عدلٍ أو ذوي عدلٍ ، ولا يكتم ولا يغيِّب ، فإن وجد صاحبها فليردّها عليه ، وإلاّ فهو مال الله يؤتيه مَنْ يشاء » (١).
قالوا : وما يضاف إلى الله تعالى فإنّما يملكه مَنْ يستحقّ الصدقة.
ولما روى العامّة عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه سئل عن اللّقطة ، فقال : « عرّفها حولاً ، فإن جاء ربّها وإلاّ تصدّق بها ، فإذا جاء ربّها فرضي بالأجر وإلاّ غرمها » (٢).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحسين بن كثير عن أبيه قال : سأل رجلٌ أميرَ المؤمنين عليهالسلام : عن اللّقطة ، فقال : « يُعرّفها فإن جاء صاحبها دفعها إليه ، وإلاّ حبسها حولاً ، فإن لم يجئ صاحبها أو مَنْ يطلبها تصدّق بها ، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدّق بها إن شاء أغرمها الذي كانت عنده وكان الأجر
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٧٤ ، الهامش (١).
(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٣٥٥ ، المغني ٦ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٠ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٦.