.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن ادلة حجية الخبر لا عموم فيها ولا اطلاق يشمل الاخبار عن حدس وان المتيقن منها هو حجية الخبر عن حسّ فقط ، لان ادلة حجية الخبر تنحصر في بناء العقلاء وفي الاخبار المتواترة وفي الآيات المباركة ، وليس لهذه الثلاثة عموم او اطلاق يشمل الاخبار عن حدس.
اما بناء العقلاء فنقول : ان الكلام فيه في فرضين : الاول : ان يكون معلوما انه نقل عن حدس ، ولا بناء من العقلاء على الاخذ بخبر الثقة اذا كان عن حدس ، لان بناء العقلاء على الاخذ بخبر الثقة انما هو لكونه كاشفا نوعيا بالفعل ، وسبب كشفه النوعي هو ان الثقة اذا لم يكن مخطئا في حسه فكونه ممن يوثق به له الكشف النوعي بالفعل عما أحسّه واخبر به ، ولما كان الخطا في الحس خروجا عما يقتضيه الطبع ممن ليس في حاسة سمعه آفة بنوا على عدمه ، والبناء على عدم الخطا في الحس حيث انه خروج عما يقتضيه الطبع يشترك فيه الثقة وغير الثقة ، وانما يختلف الثقة وغير الثقة في ان ما يحس به الثقة كاشف نوعي عندهم ، بخلاف ما يحس به غير الثقة فانه لا كاشفية له عندهم ، فحجية خبر الثقة انما هي لبنائهم على انه صادق في حسه.
اما اذا كان خبر الثقة مبنيّا على الحدس فبناؤهم على تصديقه في حسه لا يلازم ثبوت ما اخبر به بل يتوقف على تصديقه في حدسه ، ولا بناء من العقلاء على تصديق الثقة في حدسه ، اذ كونه ثقة لا يلازم ثبوت حدسه وصواب رأيه.
نعم كونه ثقة يلازم ثبوت ما احسّ به ، فان تصديقه فيما سمعه يلازم ثبوت ما سمعه ولا يلازم ثبوت ما يراه الثقة بحسب حدسه انه ملازم لما سمعه.
وبعبارة اخرى : ان خبر الثقة بنى العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال كذبه فهو كاشف نوعي عن وقوع ما اخبر به ، فحيث يخبر عن حس فثبوت خبره يتحقق بمجرد البناء على عدم الكذب ، واما حيث يخبر عن حدس فلا يثبت ما اخبر به بمجرد البناء على عدم كذبه ، بل لا بد من بناء آخر منهم على صواب رأيه وحدسه ، لان المفروض ان ثبوت ما اخبر به من السبب المفروض كونه سببا عنده لا عند المنقول اليه