اما خروجه عنه ، فلان البحث في علم الكلام ليس هو عن مطلق المسائل العقلية ، بل عن خصوص ما يتعلق منها بأحوال المبدأ والمعاد ، ومن الواضح خروج مباحث القطع الستة عن ذلك.
والذي يتوهّم كونه من مسائل علم الكلام هو البحث عن التجري ، الّا ان التأمل فيه يقتضي كونه ليس منه ايضا ، لان البحث في التجري هو في صحة عقاب المتجري وعدم صحته ، وانه من الطاغي على مولاه أولا؟ ولا اختصاص لذلك بخصوص كون المولى هو الشارع او غيره ، وعلم الكلام يرجع الى البحث عما يخص احوال الشارع بما هو مبدأ المبادئ وغاية الغايات.
واما كون القطع أشبه بالكلام من غيره ، فلان البحث فيه عقلي كما انه عقلي في علم الكلام ، بخلاف فن الاصول فانه لا اختصاص له بكون مسائله عقلية ، بل هو اعم منها ومن غيرها من المباحث المتعلقة بحجية الظواهر ، والخبر ، ومباحث الالفاظ كصيغة الامر ، وغيرها من مباحث علم الاصول.
واما شدة مناسبة البحث عما يتعلق بالقطع لفن الاصول ، فلوضوح ان القطع بعد ان كان وصولا للحكم الشرعي ، وعلم الاصول يبحث عن الحجية على الحكم الشرعي ، كانت له مناسبة أكيدة معه ، لذا ناسب ان يبحث عنه في هذا الفن ، وقد اشار الى خروجه عن علم الكلام ومشابهته له بقوله : «وكان أشبه بمسائل الكلام» ، واشار الى شدة مناسبته مع علم الاصول اقتضت البحث عنه في ضمنه بقوله : «لشدة مناسبته مع المقام» المراد من المقام هو علم الاصول.
ولا يخفى ان هذا تعليل لقوله : «لا بأس بصرف الكلام الى بيان بعض ما للقطع من الاحكام».