تشير الآية المباركة إلى حركة الأرض إشارة جميلة ، ولم تصرح بها لأنها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها ، حتى أنه كان يعد من الضروريات التي لا تقبل التشكيك (١).
ومن الأسرار التي كشف عنها القرآن قبل أربعة عشر قرنا : وجود قارة اخرى. فقد قال سبحانه وتعالى :
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) «٥٥ : ١٧».
وهذه الآية الكريمة قد شغلت أذهان المفسرين قرونا عديدة ، وذهبوا في تفسيرها مذاهب شتى. فقال بعضهم : المراد مشرق الشمس ومشرق القمر ومغرباهما. وحمله بعضهم على مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما. ولكن الظاهر أن المراد بها الإشارة الى وجود قارة اخرى تكون على السطح الآخر للأرض يلازم شروق الشمس عليها غروبها عنّا. وذلك بدليل قوله تعالى :
(يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) «٤٣ : ٣٨».
فإن الظاهر من هذه الآية أن البعد بين المشرقين هو أطول مسافة محسوسة فلا يمكن حملها على مشرقي الشمس والقمر ولا على مشرقي الصيف والشتاء ، لأن المسافة بين ذلك ليست أطول مسافة محسوسة فلا بد من أن يراد بها المسافة التي ما بين المشرق والمغرب. ومعنى ذلك أن يكون المغرب مشرقا لجزء آخر من الكرة الأرضية ليصح هذا التعبير ، فالآية تدل على وجود هذا الجزء الذي لم يكتشف إلا بعد مئات من السنين من نزول القرآن.
__________________
(١) واجترأ الحكيم «غاليله» بعد الألف الهجري فأثبت الحركتين «الوضعية والانتقالية» للأرض فأهانوه ، واضطهدوه حتى قارب الهلكة ، ثم سجن طويلا مع جلالته ، وحقوقه العلمية فصار حكماء الافرنج يكتمون كشفياتهم الأنيقة المخالفة للخرافات العتيقة خوفا من الكنيسة الرومية. «الهيئة والإسلام» ص ٦٣ طبعة بغداد.