الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل ، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، فهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) هو الذي من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به اجر ، ومن دعا اليه هدي إلى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور» (١).
وفي الحديث مغاز جليلة يحسن أن نتعرض لبيان أهمها. يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيه نبأ ما كان قبلكم. وخبر ما بعدكم» والذي يحتمل في هذه الجملة وجوه :
الأول : أن تكون إشارة إلى اخبار النشأة الاخرى من عالمي البرزخ والحساب والجزاء على الأعمال. ولعل هذا الاحتمال هو الأقرب ، ويدل على ذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : «فيه نبأ من كان قبلكم والحكم فيما بينكم وخبر معادكم». (٢).
الثاني : أن تكون إشارة الى المغيبات التي أنبأ عنها القرآن ، مما يقع في الأجيال المقبلة.
الثالث : أن يكون معناها أن حوادث الأمم السابقة تجري بعينها في هذه الامة ،
__________________
(١) سنن الدارمي : ٢ / ٤٣٥ ، كتاب فضائل القرآن ، الحديث : ٣١٩٧. وسنن الترمذي : كتاب فضائل القرآن ، الحديث ٢٨٣١. ورواه المجلسي رحمهالله فى بحار الأنوار : ٩٢ / ٢٤ ، الباب ١. فضل القرآن واعجازه ، الحديث : ٢٥.
(٢) نفس المصدر : الحديث ٢٦.