إدراكه إنعام المعبود وإحسانه وطمعه في ذلك وهي عبادة الاجراء ، وإما من إدراكه سطوته وقهره وعقابه وهي عبادة العبيد.
حصر الاستعانة بالله :
لا مانع من استعانة الإنسان في مقاصده بغير الله من المخلوقات أو الأفعال قال الله تعالى :
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ٢ : ٤٥. وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ٥ : ٢. قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ١٨ : ٩٥).
وإذن فليست الاستعانة بمطلقها تنحصر بالله سبحانه بل المراد منها استمداد القدرة على العبادة منه تعالى ، والاستزادة من توفيقه لها حتى تتم وتخلص والغرض من ذلك اثبات أن العبد في أفعاله الاختيارية وسط بين الجبر والتفويض فان الفعل يصدر عن العبد باختياره ، ولذلك أسند الفعل اليه في قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إلا أن هذا الفعل الاختياري من العبد إنما يكون بعون الله له وبإمداده إياه بالقدرة آنا فآنا : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) بحيث لو انقطع المدد عنه في آن لم يستطع إتمام الفعل ، ولم تصدر منه عبادة ولا حسنة.
وهذا هو القول الذي يقتضيه محض الإيمان ، فان الجبر يلزمه أن يكون العقاب على المعاصي عقابا للعبد من غير استحقاق ، وهذا ظلم بيّن :
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) «١٧ : ٤٣».
وإن التفويض يلزمه القول بخالق غير الله فان معناه أن العبد مستقل في أفعاله ، وأنه خالق لها ، ومرجع هذا إلى تعدد الخالق وهو شرك بالله العظيم والإيمان الحق