تمهيد :
لقد اختلفت الآراء حول القراءات السبع المشهورة بين الناس ، فذهب جمع من علماء أهل السنة إلى تواترها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وربما ينسب هذا القول الى المشهور بينهم. ونقل عن السبكي القول بتواتر القراءات العشر (١) وأفرط بعضهم فزعم أن من قال إن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر. ونسب هذا الرأي إلى مفتي البلاد الاندلسية أبي سعيد فرج ابن لب (٢).
والمعروف عند الشيعة أنها غير متواترة ، بل القراءات بين ما هو اجتهاد من القارئ وبين ما هو منقول بخبر الواحد. واختار هذا القول جماعة من المحققين من علماء أهل السنة. وغير بعيد أن يكون هذا هو المشهور بينهم ـ كما ستعرف ذلك ـ وهذا القول هو الصحيح. ولتحقيق هذه النتيجة لا بد لنا من ذكر أمرين :
الأول : قد أطبق المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أن ثبوت القرآن ينحصر طريقة بالتواتر. واستدل كثير من علماء السنة والشيعة على ذلك : بأن القرآن تتوافر الدواعي لنقله ، لأنه الأساس للدين الإسلامي ، والمعجز الإلهي لدعوة نبي المسلمين. وكل شيء تتوفر الدواعي لنقله لا بد وأن يكون متواترا. وعلى ذلك فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعا.
نعم ذكر السيوطي : «أن القاضي أبا بكر قال في الانتصار : ذهب قوم من الفقهاء
__________________
(١) مناهل العرفان للزرقاني : ص ٤٣٣.
(٢) نفس المصدر : ص ٤٢٨.