قول أصحابه بالتحريف ، فالتجأ هو الى إنكاره (١).
مع انك قد عرفت أن القول بعدم التحريف هو المشهور بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم ، حتى أن الطبرسي قد نقل كلام السيد المرتضى بطوله ، واستدلاله على بطلان القول بالتحريف بأتم بيان وأقوى حجة (٢).
التحريف والكتاب :
والحق. بعد هذا كله ان التحريف «بالمعنى الذي وقع النزاع فيه» غير واقع في القرآن أصلا بالأدلة التالية :
الدليل الأول ـ قوله تعالى :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) «١٥ : ٩».
فإن في هذه الآية دلالة على حفظ القرآن من التحريف ، وأن الأيدي الجائرة لن تتمكن من التلاعب فيه.
والقائلون بالتحريف قد أوّلوا هذه الآية الشريفة ، وذكروا في تأويلها وجوها :
الأول : «أن الذكر هو الرسول» فقد ورد استعمال الذكر فيه في قوله تعالى :
(قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) ٦٥ : ١٠. (رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ) : ١١).
وهذا الوجه بيّن الفساد : لأن المراد بالذكر هو القرآن في كلتا الآيتين بقرينة التعبير «بالتنزيل والإنزال» ولو كان المراد هو الرسول لكان المناسب أن يأتي بلفظ «الإرسال» أو بما يقاربه في المعنى ، على ان هذا الاحتمال إذا تم في الآية الثانية فلا يتم
__________________
(١) راجع روح المعاني : ١ / ٢٤.
(٢) مجمع البيان : ١ / ١٥ ، المقدمة.